مع اقتراب دخول العام الجديد 1434 ه يتكرر صوت السؤال التقليدي السنوي في مثل هذه الأوقات من كل عام لدى غالبية السعوديين «عندك تقاويم..؟!»، ليحتل مراحل متقدمة ضمن سباق أكثر الأسئلة ال10 ترديداً على مسامعهم ليصبح الشغل الشاغل والطلب الأبرز في اللقاءات الخاطفة والمكالمات السريعة من القريب و البعيد. رغبة الكثيرين في اقتناء وإهداء «التقاويم الشهرية» على مستوى الأهل والأصدقاء لتزيين مكاتبهم وصالات المنازل ليبدأ السباق الصباحي اليومي في قطع ورقة التقويم بين أفراد المنزل الواحد، وكتابة أبرز الملاحظات والمهام لعملها في اليوم ذاته لدى غالبية الموظفين في المكاتب، يقول سامي عبدالله: «في مثل هذه الأيام من كل عام يكون طلب والدتي الأهم والأبرز هو رغبتها في اقتناء تقاويم عدة للعام الجديد رغبة منها في تبديل تلك الموجودة في أرجاء المنزل وإهداء صديقاتها عدداً منها، ومع انتهاء الشهر الثاني من العام يكاد أن ينسى التقويم بعد عدم الاهتمام «بتشذيب» أوراقه وقطع تلك التي فقدت أهميتها وأصبحت من الماضي القريب» ويضيف: «هذا السؤال لا يقتصر على والدتي فحسب، بل يكاد أن يكون الأهم والأبرز لدى غالبية أصدقائي وزملائي في العمل المتهافتين على تنفس شيء من «رائحة» المستقبل المقبل». روزنامة العام الهجري، والتي تعتمد على منازل القمر لاحتساب أيامها، وبدء الأشهر بها، تقوم على حساب منازل القمر بإطلالة 12 هلالاً وما يقرب على 354 يوماً بفارق 11 يوماً عن السنة الشمسية، فيما كان اجتماع رؤساء القبائل والوفود العربية في الحج الجاهلي في العام 412 م أي قبل البعثة النبوية بقرنٍ ونصف للاتفاق على تسمية 12 شهراً، والتي حدد لها الخليفة الراشد عمر بن الخطاب عام هجرة الرسول إلى «يثرب» ليكون بمثابة العام الأول في التقويم القمري للمسلمين من قبل، إضافة إلى استخدامه أسماء الأشهر ذاتها حسب العرف القديم لدى العرب ما قبل الإسلام، ليكون العام ال 16 من يوليو من عام 622 م هو اليوم الأول من الشهر الأول من العام الأول لهجرة رسول الله الكريم. على الطرف الآخر تتنافس شركات الدعاية و الإعلان للابتسام لعملائها في مطلع العام الجديد وذلك بتقديمهم لمجسمات تحمل على صدرها قرابة ال 370 ورقة، تتشابه في الطول والمظهر والألوان وأبعاد الجدول، كل واحدة منها تمثل اليوم المقبل، تختلف في محتوى ما كتب فيها، من أيام وشهور وحتى «الحكمة» في أدنى كل صفحة منها، فعلى سبيل المثال تتكرر كلمة السبت قرابة ال48 مرة في التقويم ذاته، و تتكرر كلمة محرم إما 30 أو 29 مرة بحسب منازل القمر في ذاك الشهر. وبعد ما يقرب على 1433 عاماً على أول يومٍ من هجرة الرسول أصبح شكل التقويم نوعاً من أنواع الفخامة والتفاخر بين الأشخاص، لتقديمها كنوعٍ من أنواع الهدايا، يقول المدير العام لشركة السعد للدعاية والإعلان سعد صالح ل «الحياة» إن شكل التقويم الذي تصنعه شركته لعملائهم يعتمد على حسب الشكل والخامة المطلوبة، فعلى سبيل المثال تختار الشركات الكبيرة التقاويم الفاخرة المصنوعة من الجلد أو من الخشب، فيما تفضل المؤسسات الصغيرة والعادية التقاويم الورقية، وتحتدم المنافسة بينهم على موعد التسليم في مثل هذه الأيام من العام ، وأشار إلى أن سوق التقاويم هذا العام يشهد انخفاضاً كبيراً بلغ قرابة ال 30 في المئة، مرجعاً سبب ذلك لوجود كميات كبيرة في السوق تتجاوز طلبات المستهلكين، إضافة إلى دخول عدد من المؤسسات غير المختصة في مجال الدعاية والإعلان لهذا المجال وتقديمها أنواعاً رديئة الجودة للمستهلك. ولفت إلى أن كلفة التقاويم تتفاوت أسعارها باختلاف نوعها، فالتقاويم الخشبية مثلاً تتراوح أسعارها ما بين ال 20 إلى 25 ريالاً، فيما تأتي بعدها الجلدية بستة ريالات، والورقية بحدود الأربعة ريالات، إضافة إلى سعر الرزنامة الورقية التي تتراوح أسعارها ما بين الثلاثة والستة ريالات، وتختلف باختلاف أبعادها، و أضاف: «يعتبر التقويم «المنحوت» المطلي بالفضة أغلى أنواع التقاويم التي أقدمها لزبائني إذ يصل سعر التقويم الواحد قرابة ال 800 ريال للتقويم الواحد، وتستخدم في كثير من الأحيان كهدايا». مزاجيات العملاء وطلباتهم قد لا تقف عند حد الشكل واللون والتصميم فقط بل تتجاوز هذا كله لتصل إلى «الغرابة» بعض الشيء على موعد التسليم وما يكتب داخل الروزنامة، يقول سعد: «إن الكثير من العملاء لا يقتصر طلبه على لون ونوع وتصميم التقويم بل كثيرٌ منهم يطلب مني تسليمه دفعة من التقاويم قبل منافسه في المجال، وآخر طلب مني أن أكتب اسم قائل كل حكمة في أسفلها أو إضافة حكم ومقولات معينة من عنده».