في الطبيعة، يتعايش الإنسان مع كائنات مختلفة ضمن نظام إيكولوجي متكامل، إذ يأكل بعض الحيوان النبات والعشب، فيما يقتات الإنسان على النباتات والحيوانات، ما يرسم علاقة مستمرة بين البشر والبيئة بمواردها المتنوّعة. ومن المستطاع تعريف البيئة بأنها إطار متنوّع الموارد يضم عناصر حيّة مختلفة، كما يعيش فيه الإنسان ويمارس نشاطات مختلفة بالاستفادة من الموارد التي تقدّمها البيئة. وفي ذلك الإطار، تهتم التنمية الزراعية المستدامة بإيجاد توازن بين استهلاك موارد البيئة وضمان حقوق الأجيال المقبلة فيها. وتعتمد التنمية الزراعية على عناصر أساسية هي المجتمع والبيئة والاقتصاد، مع اهتمامها بالتفكير في الآثار البيئيّة المختلفة للنشاطات البشرية، بما فيها إضرارها بصحة الإنسان. في السياق عينه، يعرّف تلّوث التربة بأنه فساد يصيب التربة الزراعية، فيغيّر من صفاتها وخواصها الطبيعية والكيماوية والحيوية، ما يجعلها تؤثّر سلباً بصورة مباشرة أو غير مباشرة في من يعيش فوق سطحها من إنسان وحيوان ونبات. وفي الآونة الأخيرة، عمل فريق بحثي من علماء «شعبة البحوث الزراعية والبيولوجية» التابعة ل «المركز القومي المصري للبحوث»، على التوصل إلى تقنية لمعالجة الأراضي الملوثّة بعناصر معدنيّة ثقيلة كالرصاص والنيكل. وتوصل الفريق إلى تقنية لاستخدام مخلّفات الفول السوداني وعنصر الكبريت، بوصفهما حلاً لذلك النوع من التخلّف، خصوصاً أنهما يذوبان في التربة، فتمتصهما النباتات المختلفة. وفي ذلك الصدد، أوضح الدكتور شوقي شبل أستاذ تغذية النبات في «شعبة البحوث الزراعية والبيولوجيّة»، أن إضافة مخلّفات الفول السوداني يؤدي إلى «جذب» العناصر الثقيلة، ما يخفّض تركيزها في التربة الملوّثة بها. وأوضح شبل، وهو أيضاً رئيس الفريق البحثي، أن إضافة الكبريت تساهم أيضاً في خفض حموضة التربة، ما يترتب عليه زيادة ذوبان تلك العناصر الثقيلة في التربة وامتصاص النبات لها، من دون أن يتجاوز تركيزها في النباتات الحدّ الذي يجعلها مضرّة بالبشر. كما لم يرتفع تركيز الرصاص والنيكل في زيوت النباتات، فوق المستويات الآمنة أيضاً. وضمّ الفريق الذي أنجز تلك الدراسة الدكاترة محمد كامل وأحمد سيد تعلب وحنان محمد صلاح أحمد. وجرت الدراسة بمشاركة «المركز القومي المصري للبحوث». وبرهنت أيضاً أن من المستطاع استنبات النعناع والريحان بصورة آمنة في الأراضي الملوثة بالنيكل والرصاص، بعد معالجة التربة بمخلفات الفول السوداني والكبريت.