تواصلا للحديث الاسبوع الماضي حول التلوث البيئي نتطرق في هذا العدد الى تلوث الهواء الداخلي حيث يحدث هذا التلوث عن احتباس الملوثات داخل المباني التي تعاني أنظمة تهويتها من سوء التصميم. وأنواعه الرئيسية هي دخان السجائر والغازات المنبعثة من المباني والأفران والكيمائيات المنزلية وجسيمات الألياف والأبخرة الخطرة المنبعثة من مواد البناء مثل العوازل والبويات والأصماغ. وتسبب الكميات الكبيرة من هذه المواد داخل بعض المكاتب في حدوث الصداع وتهيج العيون ومشاكل صحية أخرى للعاملين بها. وتسمى مثل هذه المشاكل الصحية أحياناً "متلازمة المباني المريضة". والرادون وهو غاز مشع ينبعث عن انحلال اليورانيوم في الصخور الأرضية، ملوث خطر آخر. ففي مقدوره أن يسبب سرطان الرئة إذا ما استنشق بكميات وافرة. ويتعرض الناس لغاز الرادون إذا ما تسرب إلى الطوابق السفلى من المنازل المبنية فوق تربة أو صخور مشعة وفي مقدور المباني عالية الكفاءة والتي تحافظ على الهواء الساخن أو البارد داخلها، أن تحتبس الرادون في الداخل وأن ترفع من تركيزه. تلوث الماء: هو اختلاط مياه الشرب بمياه الصرف الصحي أو المجاري أو الكيمياويات السامة أو الفلزات أو الزيوت أو أية مواد أخرى. وفي مقدور هذا التلوث أن يؤثر في المياه السطحية مثل الأنهار والبحيرات والمحيطات، كما يمكن أن يتوفر في المياه التي في باطن الأرض والمعروفة (بالمياه الجوفية) وبإمكانه أيضاً أن يسبب الأذى لأنواع عديدة من النباتات والحيوانات. ووفقاً لمنظمة الصحة العالمية يموت ما يقرب من خمسة ملايين شخص سنوياً بسبب شربهم ماءً ملوثاً. تلوث التربة تدمير لطبقة التربة الرقيقة الصحية المنتجة وفي النظام المائي الصحي، تعمل دورة من العمليات الطبيعية، على تحويل المخلفات إلى مواد نافعة أو ضارة. وتبدأ الدورة عندما تستخدم كائنات عضوية تعرف (بالبكتريا الهوائية) الأكسجين الذائب في الماء لهضم المخلفات. وتنتج هذه العملية النترات والفوسفات وغيرها من المغذيات (وهي عناصر كيميائية تحتاجها الكائنات الحية في نموها). وتمتص الطحالب والنباتات المائية الخضراء هذه المغذيات، وتأكل حيوانات مجهرية دقيقة تدعى (العوالق الحيوانية) الطحالب، وتأكل الاسماك تلك العوالق. أما الأسماك فقد تأكلها أسماك أكبر منها أو طيور أو حيوانات أخرى. وتنتج عن هذه الحيوانات مخلفات جسمية ثم ما تلبث أن تموت. وتحلل البكتريا هذه الحيوانات الميتة والمخلفات الحيوانية، ثم تعاود الدورة الكرة مرة أخرى. يحدث التلوث المائي عندما يلقي الناس بكميات من المخلفات في نظام مائي ما، بحيث تصل إلى درجة لا يكون معها في وسع عمليات التنقية الطبيعية التابعة له أن تؤدي وظيفتها على الوجه المطلوب. وبعض المخلفات، مثل الزيت والأحماض الصناعية والمبيدات الزراعية، تسمم النباتات المائية والحيوانات، بينما تلوث بعض المخالفات الأخرى مثل المنظفات الفوسفاتية والأسمدة الكيميائية وروث الحيوانات، بمد الحياة المائية بمزيد من المغذيات. وتسمى هذه العملية (الإثراء الغذائي)، وتبدأ عندما تنساب كميات كبيرة من المغذيات إلى أنظمة المياه حيث تعمل المغذيات على تحفيز النمو الزائد للطحالب. وكلما ازداد نمو الطحالب ازداد فناؤها بالمقابل. وتستهلك البكتريا الموجودة في الماء كميات كبيرة من الأكسجين لتهضم بذلك الفائض من الطحالب الميتة. ويؤدي ذلك إلى نقص مستوى الأكسجين في الماء مما يتسبب في موت كثير من النباتات المائية وكذلك الحيوانات. إن التلوث المائي يصدر عن المؤسسات التجارية والمزارع والمنازل والمصانع ومصادر أخرى عديدة، ويشتمل على نفايات المجاري والكيميائيات الصناعية والكيميائيات الزراعية ومخلفات المواشي. ومن أشكال التلوث المائي أيضاً الماء الحار النظيف المنبعث من محطات القدرة إلى مجاري المياه. ويتسبب هذا الماء الحار المسمى (بالتلوث الحراري) في الإضرار بالاسماك والنباتات المائية عن طريق تقليل كمية الأكسجين في الماء. وفي مقدور الكيميائيات والزيوت المنسكبة أن تحدث تلوثاً مائياً مدمراً يتسبب في قتل الطيور المائية والمحار والحياة الفطرية الأخرى. الغازات المنبعثة من المصانع تلوث كوكبنا ويحدث بعض التلوث إذا لم يجر فصل محكم بين مجاري المياه ومياه الشرب النظيفة. ففي المناطق التي تفتقر إلى محطات حديثة لمعالجة مياه المجاري، يمكن أن تنساب المياه التي تحمل معها المخلفات البشرية إلى موارد المياه، مما يؤدي إلى اختلاط البكتريا الناقلة للأمراض بماء الشرب وتتسبب في الإصابة بأمراض الكوليرا والدوسنتاريا. أما في المناطق التي تحظى بصرف صحي جيد فإن معظم المخلفات البشرية تنساب في أنابيب وضعت في باطن الأرض، حيث ينتهي بها المطاف إلى محطات معالجة خاصة تقتل البكتريا الضارة وتزيل المخلفات الصلبة. تلوث التربة: تلوث التربة هو التدمير الذي يصيب طبقة التربة الرقيقة الصحية المنتجة، حيث ينمو معظم غذائنا. ولولا التربة الخصيبة لما استطاع المزارعون إنتاج الغذاء الكافي لدعم سكان العالم. تعتمد التربة الصحية على البكتريا والفطريات والحيوانات الصغيرة لتحليل المخلفات التي تحتويها وإنتاج المغذيات، وتساعد هذه المغذيات في نمو النباتات. وقد تجد الأسمدة والمبيدات من قدرة الكائنات العضوية التي في التربة على معالجة المخلفات. وبناء عليه فإن في مقدور المزارعين الذين يفرطون في استخدام الأسمدة والمبيدات أن يعملوا على تدمير إنتاجية التربة. هناك عدد من النشاطات البشرية الأخرى التي يمكنها تدمير التربة. وقد يؤدي ري التربة في المناطق الجافة، مع وجود نظام تصريف سيئ إلى ترك الماء راكداً في الحقول. وإذا ما تبخر هذا الماء الراكد فإنه سيخلف الرواسب الملحية من ورائه جاعلاً التربة شديدة الملوحة، مما يؤثر على نمو المحاصيل. وتؤدي عمليات التعدين والصهر إلى تلويث التربة بالفلزات الثقيلة السامة. كما يرى كثير من العلماء أن في إمكان المطر الحمضي أن يقلل من خصوبة التربة.