أوصت دراسة علمية قام بها فريق بحثي متخصص من جامعة الملك سعود بضرورة إيقاف مصدر التلوث الذي يهدد السكان القاطنين في محافظة مهد الذهب. كما دعت الدراسة وزارة الصحة إلى الكشف على المواطنين وتوفير الرعاية اللازمة لهم، في الوقت الذي تأكد فيه إصابة نحو 42% من أطفال المحافظة بالربو الشعبي. الدراسة أظهرت أن مصدر التلوث هو منجم الذهب في المنطقة، مطالبة الشركة المالكة بالتحرك العاجل للسيطرة على التلوث الذي يتسبب به المنجم. كما دعت الدراسة الجهات المعنية ممثلة في إمارة منطقة المدينةالمنورة والرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة، إلى تضافر الجهود والعمل من أجل إيقاف هذا الخطر البيئي الجسيم على الصحة والبيئة. وكان الأستاذ المشارك في قسم علوم التربة والمتخصص في أبحاث تلوث التربة بالعناصر الثقيلة الدكتور عبدالله الفراج، قد أعد وأشرف على الدراسة الميدانية التي تناولت البحث في مخاطر العناصر الثقيلة في التربة على البيئة وسكان المنطقة. ودعت الدراسة إلى ضرورة تفعيل دور المراكز البحثية وتسهيل قيامها بإجراء دراسات على أوجه التلوث الأخرى وخاصة عوالق الغبار من حيث الكمية التي يتعرض لها السكان، وتركيز العناصر الثقيلة فيها، ودراسة تلوث الهواء بالغازات المتطايرة خاصة الناتجة من عنصر الزئبق وبعض العناصر المشعة. ورأت الدراسة أن الحاجة ماسة جداً لدراسة النظائر المشعة في المنطقة، بالإضافة إلى أهمية ممارسة الشركات قدراً كافياً من الشفافية فيما يخص الجوانب البيئية، وأن تتحمل مسؤوليتها تجاه المجتمع والبيئة. واعتبرت الدراسة أن التأخر في التحرك لإيقاف مصدر التلوث والاعتماد على الحلول قصيرة الأجل والتي يحتمل أن تؤدي إلى آثار بعيدة المدى على الصحة والبيئة والتنمية المستدامة، يعني في المستقبل ضرورة اتخاذ إجراءات تصحيحية صعبة ومكلفة. وقال الفراج في تصريحات إلى "الوطن" إن الدراسة كشفت عن إصابة 42% من الأطفال في محافظة مهد الذهب بالربو الشعبي نتيجة تلوث المنطقة بالعناصر الثقيلة، مشيرا إلى أن الدراسة أجريت على الأسطح والساحات الداخلية للمنازل، من خلال أخذ عينات من الغبار الساقط على تلك الأسطح. ولفت الفراج إلى أنه تجري حالياً دراسة الحالة الصحية لعدد من طلاب المحافظة عن طريق أخذ عينات من غبار ساحات ثلاث مدارس وقاعاتها الدراسية في ثلاثة أحياء مختلفة في المحافظة، مشيراً إلى أنه سيتم نقل عينات الدراسة لمختبرات قسم علوم التربة في جامعة الملك سعود في الرياض لتحليلها والوقوف على نتائجها. وأوضح الفراج أن الدراسة هدفت إلى معرفة أثر البعد عن منجم مهد الذهب على تلوث التربة والنبات بالعناصر الثقيلة (Cd, Co, Cr, Cu, Fe, Mn, Mo, Ni, Pb& Zn). ولتحقيق هذا الهدف، جمعت ثمان عينات تربة مركبة على أبعاد 0 ، 1 ، 2، 3، 4، 5، 6، و 7 كلم من مرادم التعدين في منجم مهد الذهب. كما جُمِعَت عينات من جذور وسيقان وأوراق نبات الحرمل النامي طبيعيا في المنطقة عند كل موقع من مواقع جمع عينات التربة. وقُدِرَ التركيز الكلي للعناصر الثقيلة سواء في عينات التربة أو النبات. وقد أظهرت النتائج تلوث التربة بعناصر الكادميوم والنحاس والرصاص والزنك، وكان التركيز الأعلى في المواقع قرب المرادم ثم انخفض مع البعد عنها. وأشار الفراج إلى أن الدراسة اعتمدت بعض المقاييس الدولية لتركيز العناصر الثقيلة في التربة، والتي اتضح من خلالها أن أعلى العناصر الملوثة في مواقع الدارسة كان عنصر النحاس، حيث بلغ تركيزه في جميع مواقع الدراسة ما يقارب أو يفوق 100 مجم/كيلو متر مربع، وهو ما يؤكد أن التربة ملوثة بدرجة تؤثر على الإنسان، أما في الموقعين الأول والثاني فكانت التربة ملوثة بالنحاس بدرجة كبيرة جداً (944 و 612 مجم/ كم على التوالي) مما يجعلها تحتاج إلى إعادة تأهيل بناءً على المقياس الهولندي. أما التلوث بعنصر الكادميوم فقد بلغ في الموقع الأول (7.9 مجم/كم) (بجوار المرادم) وهو مستوى يؤثر على صحة الإنسان، بينما كان تركيزه في الموقع الثاني (2 مجم/ كم) مما يعني أن التربة ملوثة بالكادميوم. كما تعتبر التربة في الموقعين الأول والثاني ملوثة بعنصري الرصاص والزنك بدرجة تؤثر على الإنسان بناءً على المقياس الهولندي (337 و 206 للرصاص، وللزنك 2112 و 1027 مجم/ كم، على التوالي). وعند استخدام المقياس الصيني ظهر أن المواقع وحتى مسافة 5 كلم تعتبر ملوثة بعنصر أو أكثر. وأظهر المقياس الأسكتلندي تلوث الموقع الأول (بجوار المرادم) بجميع العناصر، بينما تُصنف التربة في الموقع الثاني على أنها ملوثة بعنصري النحاس والزنك.