في موازاة إعادة انتخابهم الرئيس الديموقراطي باراك أوباما لولاية ثانية، اختار الأميركيون مجدداً الإبقاء على سيطرة الديموقراطيين في مجلس الشيوخ، والجمهوريين في مجلس النواب، وبالتالي استمرار المأزق السياسي في الكونغرس الذي تجري انتخاباته كل سنتين، والذي يجب أن يتفق أعضاؤه بحلول نهاية السنة على تسوية مسألة «الهاوية المالية» الشائكة التي تثير قلقاً متزايداً. وسيؤدي عدم الاتفاق على مسألة «الهاوية المالية» إلى اعتماد خطة اقتطاعات في الموازنة والزيادات في الضرائب تهدف إلى خفض العجز في الموازنة العامة، ما يهدد بتقويض الانتعاش الاقتصادي الهش في القوة الأولى في العالم. ويجب على الكونغرس أيضاً الاتفاق على رفع سقف الدين، من اجل منع تعثر الولاياتالمتحدة في تسديد مدفوعاتها، علماً أن وزارة الخزانة توقعت أخيراً بلوغ سقف الدين بحلول نهاية كانون الأول (ديسمبر) المقبل. وفيما كان يفترض أن يفوز الجمهوريون بأربعة مقاعد لتحقيق الغالبية في مجلس الشيوخ (مئة مقعد)، خسروا ثلاثة مقاعد في ولايات ماساتشوستس (شمال شرق) وفرجينيا (شرق) وانديانا (شمال). وشهدت ماساتشوستس معركة محتدمة، أفضت إلى هزيمة إليزابيث وارين، الأستاذة في جامعة هارفرد، الجمهوري المعتدل سكوت براون، وفازت بمقعد مجلس الشيوخ الذي فاز به دائماً تيد، احد أفراد عائلة كينيدي الديموقراطي، والذي توفي عام 2009. وأظهر فوز وارين ابتعاد الحزب الجمهوري عن المعتدلين الأكثر قدرة على التوصل إلى موقف مشترك مع الديموقراطيين، علماً أنها تعهدت في خطاب الفوز محاسبة «الأثرياء الكبار». وعكس الواقع ذاته انتزاع تيد كروز، المفضل لدى حركة «حزب الشاي» المحافظة، مقعد ولاية تكساس من الجمهورية المعتدلة كاي بايلي. وفي انديانا، انتزع الديموقراطي جو دونلي مقعد المحافظ المقرب من حركة «حزب الشاي» ريتشارد مردوك الذي أثار ضجة كبيرة لدى إعلانه أن الحمل الناجم عن اغتصاب هو «مشيئة الله». وفي ميسوري، هزم أيضاً المحافظ المتشدد تود أكين الذي فرضه «حزب الشاي» في الانتخابات التمهيدية الجمهورية، أمام عضو مجلس الشيوخ الديموقراطية المنتهية ولايتها كلير ماكاسكيل. وكان أكين أثار بلبلة أيضاً تسببت في تراجع نسب التأييد له في استطلاعات الرأي، حين أدلى بتصريحات تتحدث عن «الاغتصاب الحقيقي». وانتخب الأميركيون أول عضوة في مجلس الشيوخ مثلية الجنس هي تامي بالدوين عن ولاية ويسكونسن (شمال). ورغم أن النتيجة لم تمثل مفاجأة، أصيب الجمهوريون بخيبة لأنهم تصوروا أن فرصتهم للفوز بغالبية تساوي فرصة الديموقراطيين. لكنهم هزموا لأسباب مختلفة بينها أيضاً احتدام المعارك داخل الحزب، ونجاح الديموقراطيين في الاحتفاظ بمقاعدهم في ولايات عدة بينها فرجينيا وميسوري. وفي مجلس النواب الذي يضم 435 مقعداً، ظلت الهيمنة للجمهوريين الذين يتقدمون ب 25 نائباً على الديموقراطيين منذ انتخابات التجديد النصفي عام 2010، ما عكس رضا الناخبين عن ممثليهم كأفراد، على رغم اعتبار المجلس بغالبيته الجمهورية الأقل شعبية في العصر الحديث. وحذر جون بونر، رئيس مجلس النواب انه يعتزم مع زملائه الجمهوريين، مواصلة التصدي لسعي الديموقراطيين إلى زيادة الضرائب على الأغنياء، علماً أن المجلس الخاضع لسيطرة الجمهوريين أوشك أن يوقف نشاطات الإدارة عام 2011، ويحدث تخلفاً تاريخياً في سداد ديون. كما يرجح أن يمنع التحرك قدماً في شأن قضايا مثل العجز والهجرة. ولدى انعقاد مجلس النواب الجديد في كانون الأول (يناير) المقبل، فسيفتقد اثنين من ابرز سياسييه هما دينيس كوسينيتش المرشح الرئاسي الديموقراطي السابق الذي خسر في انتخابات أولية أجريت في وقت سابق من السنة الحالية، والنائب رون بول الذي يوصف أحياناً بأنه الأب الروحي لحركة «حزب الشاي» نظراً إلى تقاعده. ولفت احتفاظ بول راين الذي خسر الانتخابات كمرشح لمنصب نائب الرئيس الجمهوري، بمقعده في مجلس النواب. كما ستعود عائلة كينيدي، الأشهر في الولاياتالمتحدة إلى مقاعد الكونغرس الذي غابت عنه عام 2010، بعد انتخاب جوزف كينيدي الثالث، حفيد شقيق الرئيس الراحل جون كينيدي، في مجلس النواب. استفتاءات إلى ذلك، أظهرت نتائج 172 استفتاءً نظمت على هامش الانتخابات الأميركية في 27 ولاية، أن أنصار الزواج المثلي ومدخني القنب الهندي والمدافعين عن تمويل عمليات الإجهاض من المال العام، هم الرابح الأكبر في هذا اليوم الانتخابي. وباتت كولورادو (غرب) وواشنطن (شمال شرق) أول ولايتين أميركيتين تشرعان الاستهلاك الشخصي للقنب الهندي لأغراض غير طبية. ويتعين على سلطات الولايتين تنظيم توزيع الحشيشة، الذي سيوفر مصدراً جديداً للدخل، بخلاف الحال لدى السلطة المركزية التي تجرم حيازة القنب الهندي واستخدامه والاتجار به بغض النظر عن السبب. وسقط المشروع ذاته في ولاية أوريغون (غرب) وانضمت ولايات واشنطن وماريلاند (شرق) وماين (شرق) إلى الولايات التي تشرع الزواج بين المثليين، ما رفع إلى تسعة عدد الولايات التي تشرع هذا الزواج. في فلوريدا (جنوب شرق)، اسقط المعتدلون مشروع قانون يقضي بمنع استخدام الأموال العامة في عمليات الإجهاض، فيما رفض الناخبون في كاليفورنيا إلغاء عقوبة الإعدام، ووضع ملصقات تحذيرية على المواد الغذائية التي تحتوي كائنات معدلة وراثياً.