قال وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس إن بلاده «مستعدة للقيام بأي تحرك مفيد» من أجل أن تجمع اللبنانيين في باريس أو في سان كلو (إحدى ضواحي باريس حيث رعت اجتماعاً للفرقاء اللبنانيين العام 2007)، معتبراً أن «هناك بعض الاجتماعات الضرورية، لكن ينبغي أن تكون هناك حاجة لدى الأطراف وطلب لذلك». وأوضح أنه من الممكن جداً في الأشهر المقبلة، أن يكون هناك اجتماعات في باريس لأطراف لبنانيين. وإذ أشار فابيوس، في مقابلة مع «الحياة» في الطائرة التي أقلت الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند الى المملكة العربية السعودية أول من أمس، الى أنه سيكون بالتأكيد في الأشهر المقبلة تحرك ديبلوماسي كثيف من فرنسا على صعيد المشكلة اللبنانية والملف السوري وإيران ومسيرة السلام في الشرق الأوسط، أوضح أن «من الطبيعي أن تستقبل» باريس رئيس الحكومة نجيب ميقاتي في 19 الجاري وهو رئيس حكومة لبنان، وفي الوقت نفسه «ليس سراً أن لدينا اتصالات مع شخصيات من المعارضة و14 آذار». لكن فابيوس قال: «لدينا لوم على حزب الله» مذكراً بأنه أرسل أخيراً طائرة من دون طيار من صنع إيران فوق إسرائيل وهذا لا يسهّل الحوار معه. وذكر مصدر فرنسي مطلع ل «الحياة» أن في المحادثات التي أجراها هولاند مع خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز في جدة، أبلغت القيادة السعودية الرئيس الفرنسي أثناء الحديث عن اغتيال رئيس فرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي في لبنان اللواء وسام الحسن أن الحسن خسارة، ليس للبنان فقط، بل للعالم بأسره. وأوضح أن القيادة السعودية دانت بشدة قمع الحكومة السورية شعبها لأنها تدمر البلد وتحوّله الى مركز للإرهاب، كما أن القيادة السعودية تعتبر أن «إيران تقوم بزعزعة الاستقرار في المنطقة». وأشار المصدر الى أن الجانب الفرنسي لاحظ خلال محادثاته مع الجانب السعودي حول الوضع في لبنان أنه يفترض ألا يحصل فراغ فيه وأن الرئيس اللبناني ميشال سليمان يقوم بحوار في صدد الأزمة السياسية في البلد، وأن الجانب السعودي رد بأنه لا يمانع مبدأ تجنب الفراغ، لكن أمن البلد متروك لجهات تعبث به في ظل وجود هذه الحكومة، وأن المحادثات بين الجانبين انتهت الى التأكيد على تطابق في الرؤية بين الجانب السعودي والجانب الفرنسي. وأوضح المصدر الفرنسي أن القيادة السعودية اعتبرت أن قلق فرنسا على لبنان واهتمامها به مشروعان، نظراً الى الصداقة التاريخية الفرنسية - اللبنانية. وقالت مصادر أخرى لبنانية تسنى لها الإطلاع على جانب من محادثات هولاند مع الملك السعودي أن الأول لم يطرح على الثاني أفكاراً محددة. وأشارت الى أن حضور زعيم تيار «المستقبل» رئيس الحكومة السابق سعد الحريري مأدبة الغداء التي أقامها الملك عبدالله بن عبدالعزيز على شرف هولاند، يحمل دلالة على الموقف السعودي. وأكدت أن قوى المعارضة ستبقى على موقفها في ما يخص رفضها المشاركة في هيئة الحوار الوطني ما لم تستقل حكومة الرئيس ميقاتي وأنها تعتمد سياسة خوض الحوار عبر الرئيس سليمان من أجل التوصل الى حكومة حيادية إنقاذية وليس حكومة وحدة وطنية. وكان الحريري التقى هولاند سريعاً خلال المأدبة في جدة، ثم اجتمع مع اثنين من مستشاريه. وقالت مصادر فرنسية مطلعة ل «الحياة» إن هولاند كان تناول التعاون بين الجيش اللبناني و «حزب الله» في لبنان، مشيراً الى إرسال طائرة الاستطلاع فوق إسرائيل ومحذراً من أن هذا يشكل خطراً على لبنان. وأن سليمان رد عندها بأنه يعتقد أن الحزب لا يرغب في مشاكل خارجية أو داخلية. وأعلن الرئيس سليمان أمس أن الجلوس الى طاولة الحوار «هو الطريقة الفضلى في ظل ما يمر به لبنان»، معتبراً أن الموضوع الحكومي «خاضع للحوار والتفاهم على التغيير نحو الأفضل». وفي المقابل قال رئيس كتلة «المستقبل» رئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة بعد لقائه على رأس وفد منها الكاردينال الماروني بشارة الراعي: «لم نتوقف يوماً عن مد اليد والحوار والانفتاح على الرئيس سليمان وهذا الانفتاح لا حدود له وهناك مشكلة تتسبب بها هذه الحكومة وهناك حاجة ماسة لمعالجة هذا الدمّل». من جهة ثانية، قال الرئيس ميقاتي الذي زار بلغاريا أمس واجتمع في صوفيا مع نظيره بويكو بوريسوف أن الأخير أكد دعم بلاده سياسة النأي بالنفس اللبنانية عن الأزمة السورية. وقال بوريسوف أنه لم يكن لزيارة ميقاتي أي علاقة بموضوع التفجير الذي استهدف حافلة تقل إسرائيليين في صوفيا قرب المطار قبل أكثر من شهرين. وقال بوريسوف رداً على سؤال حول الاتهامات الإسرائيلية ل «حزب الله» بالضلوع بالتفجير بالقول إن بلاده «لن تشير بإصبع الاتهام الى أحد في تفجير مطار بورغاس إلا بعد توفر الأدلة الكاملة». على صعيد آخر، ذكرت مجلة «دير شبيغل» الألمانية الأسبوعية في عددها الصادر أمس أن نوعية المتفجرات التي استخدمت في عملية اغتيال اللواء وسام الحسن في محلة الأشرفية في بيروت في 19 الشهر الماضي تشبه تلك التي استخدمت في عملية اغتيال رئيس الحكومة اللبنانية السابق رفيق الحريري. وأضافت بعد إشارتها الى الكشف الذي أجراه فريق من وكالة الاستخبارات الفيديرالية الأميركية «إف بي آي» على موقع التفجير «أن التخطيط لاغتيال الحسن وتنفيذه يشيران بدورهما الى أنهما من الفريق ذاته الذي خطط لاغتيال الحريري ونفذه».