أوضح مصدر فرنسي رفيع المستوى ل «الحياة» أن موقف باريس ورئيسها مما يحصل في لبنان هو «تأييد المؤسسات اللبنانية ودعمها وليس دعم حكومة نجيب ميقاتي، وقراءة بعضهم تدخل باريس لدعم ميقاتي خطأ». وتابع: «التحليل الفرنسي يرتكز على أن الأسوأ يكون في فراغ سياسي، وبعضهم في لبنان يتهم «حزب الله» بالسيطرة تدريجاً على السلطة من داخل الدولة، وباريس تعتبر أن هذا واقع حقيقي، ولكن الأخطر أن يقدم الفراغ السياسي فسحة أكبر لسيطرته». واعتبر المصدر «أن قوى 14 آذار طالبت مباشرة باستقالة ميقاتي من دون تقديم بديل لذلك»، وأنه «قبل فتح جبهة جديدة من الأفضل ل14 آذار أن تضمن أن لديها الوسائل لذلك لأن الأشهر المقبلة ستكون صعبة، وهذا ما نصحت به باريس أصدقاءها في 14 آذار». وزاد المصدر أن فرنسا «تعرف من هم أصدقاؤها في لبنان وهي متضامنة كلياً مع ما حدث وتقديرها كبير لوسام الحسن وتضامنها كلي مع لبنان الذي فقده، وترفض الفلتان من العقاب للمجرمين وتصر على بحث الحقيقة وتؤيد المؤسسات وتدعو إلى التلاحم الوطني، وهذا لا يعني للمسؤولين الفرنسيين أنهم اختاروا ميقاتي ضد 14 آذار، وهذا ما قاله هؤلاء لأصدقائهم في 14 آذار»، مذكراً ب «أن الاغتيالات كانت أيضاً في زمن الحكومات السابقة، ولكن هناك أيضاً متطلبات قوية من الأسرة الدولية من ميقاتي والمطلوب منه ألا يتشاطر ويلتف عليها». إلى ذلك تجري باريس مشاورات حول ملفات سورية ولبنان وإيران في واشنطن على مستوى ديبلوماسي، ويتوقع أن تكون هذه الملفات في صلب محادثات الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند في الرابع من تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل عندما سيزور خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز في جدة حيث يجري محادثات موسعة معه وكبار المسؤولين في المملكة. وهذه الزيارة الأولى لهولاند لدولة عربية منذ توليه منصبه. حمادة يلتقي فابيوس وفي السياق، اعلن مكتب النائب اللبناني مروان حمادة الموجود في فرنسا انه التقى امس، وزير خارجية فرنسا لوران فابيوس، في حضور مدير مكتبه السفير دوني بييتون ومدير قسم الشرق الاوسط جان فرنسوا جيرو وعدد من اركان الوزارة، وانه «جرى عرض للوضع في لبنان، في ضوء التطورات الاخيرة، وأهمية الحفاظ على الاستقرار اللبناني ومواصفات هذا الاستقرار، سياسياً وأمنياً واقتصادياً في ضوء التطورات الاقليمية المحيطة، وأن حمادة ركز على ضرورة احترام اعلان بعبدا وتسهيل مهمة رئيس الجمهورية تشكيل حكومة حيادية جديدة، تمنع انزلاق البلاد نحو مزيد من المخاطر». وقالت مصادر فرنسية مطلعة على المحادثات ل»الحياة» إن فابيوس «استمع إلى تفاصيل الوضع اللبناني من شخصية لبنانية سياسية يقدرها ويتفهم مواقفها». ونقلت المصادر عن حماده انه اعتبر أن «اغتيال الحسن والانكشاف الأمني السائد في لبنان يجعل رئيس الحكومة نجيب ميقاتي مسؤول عن ذلك وعليه أن يستقيل وتستقيل حكومته». ونقلت المصادر عن فابيوس قوله إن «فرنسا ليست مع هذا أو ذاك من الأشخاص ولكنها تدعم المؤسسات، وفي المرحلة الراهنة اقتراح الرئيس اللبناني ميشال سليمان الحوار وموقفه العلني مما حدث ورفضه لاستقالة الحكومة، موضع تقدير من الجانب الفرنسي الذي يخشى الفراغ». وسأل فابيوس حماده، وفق المصادر، عن أي بديل يكون لهذه الحكومة فرد حمادة «أن بالإمكان أن تكون حكومة تكنوقراط. وقال فابيوس إن ليس شأن فرنسا أن تتدخل بحكومة لبنان ومن يشكلها ولكن الأمر المهم انه ينبغي تجنيب لبنان الوقوع في الفخ الذي ينصبه بشار الأسد للبنان وغالب الظن أن الأسد وراء اغتيال العميد الحسن، واغتياله بالنسبة لسورية سيؤدي إلى وقوع مواجهة بين 8 و14 آذار وهذا ما يريده الأسد؛ وينبغي على لبنان أن يتجنب الوقوع في هذا الفخ؛ ولنظام الأسد في لبنان عملاء مختلفون بإمكانهم أن ينفذوا الجرائم. وقال حماده إن على ميقاتي أن يتحمل المسؤولية ويستقيل مع حكومته. لكن الجانب الفرنسي ذكر حمادة بأنه عندما كان الرئيس فؤاد السنيورة في الحكم لم يكن باستطاعته منع اغتيالات جبران تويني وغيرهم من الشهداء اللبنانيين فقال حمادة إن الوضع الحكومي كان مختلفاً إذ إنها لم تكن حكومة حزب الله». وأكدت المصادر أن «جو اللقاء بحسب الجانب الفرنسي جيد وصريح». وحضر الاجتماع مدير مكتب فابيوس السفير السابق لدى لبنان ديني بييتون ومدير قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا جان فرانسوا جيرو ومستشار فابيوس للشرق الأوسط كريستيان نخلي. وقالت المصادر الفرنسية إن فابيوس وفريقه «يتفهمان موقف حمادة وهو شخصية عانت من الإرهاب السوري مباشرة، وأكدا له أن فرنسا إلى جانب لبنان واستقراره ووحدته وتتمنى تلاحمه كي لا يسقط في الفخ السوري».