بدأ المجلس الوطني السوري المعارض في الدوحة اجتماعات مصيرية تهدف إلى تعزيز قاعدته التمثيلية في ظل أزمة ثقة مع الولاياتالمتحدة، الساعية إلى قيام حكومة سورية في المنفى. وسيقوم حوالى 286 عضواً من المجلس، الذي كان يعد حتى الآن الكيان الرئيسي في المعارضة الساعية إلى إسقاط نظام الرئيس بشار الأسد، بتعديل نظام المجلس لزيادة عدد أعضائه وانتخاب هيئة عامة جديدة الأربعاء. إلا أن الأنظار تتجه إلى يوم الخميس، الذي سيجتمع فيه المجلس الوطني مع هيئات وشخصيات معارضة أخرى في إطار «اجتماع تشاوري» دعت إليه الجامعة العربية وقطر. ويتوقع أن يبحث اجتماع الخميس إنشاء حكومة في المنفى، فيما نفى المعارض البارز رياض سيف عزمه أن يشغل منصب رئيس هذه الحكومة بعد أن طرح اسمه بقوة في الأيام الأخيرة. ويفترض أن يؤسس اجتماع الخميس لقيام كيان جديد موسع تنبثق عنه الحكومة في المنفى. وأوضح الرئيس السابق للمجلس الوطني السوري برهان غليون ل «فرانس برس»، أن مبادرة قيام كيان معارض موسع في اجتماع الخميس هي مبادرة «أميركية»، وهي تحت مسمى «هيئة المبادرة الوطنية السورية». وذكر أن هدف اجتماع الخميس هو «جمع كل المعارضة السورية للتفاهم حول أجندة وطنية وتبنّي وثائق المعارضة المتفق عليها والخروج بهيئة تجمع كل أطراف المعارضة». ويأتي ذلك بعد أن عبرت الولاياتالمتحدة علناً عن تحفظاتها إزاء المجلس الوطني السوري الذي قالت انه لم يعد يمثل كل المعارضة. وأعلنت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون الأربعاء في زغرب، أنها تنتظر من المعارضة السورية أن تتوسع إلى ما هو أبعد من المجلس الوطني السوري، وأن «تقاوم بشكل أقوى محاولات المتطرفين لتحويل مسار الثورة» في سورية ضد نظام الرئيس السوري بشار الأسد. وقال غليون إن فكرة إنشاء كيان موسع للمعارضة «ليست سيئة، لكن لدينا تحفظات على طريقة طرحها، إذ بدت للبعض وكانها تأتي في إطار نفي ما سبق وإذا كان هذا الأمر صحيحاً فنحن نعتبرها مبادرة غير منتجة». وفي كل الأحوال، جدد غليون رفض المجلس أن تكون المبادرة الجديدة بديلاً منه، معتبراً أنها «ستصبح منتجة إذا حولناها إلى غرفة عمليات للمعارضة وذلك لتسريع إسقاط النظام». والمهمة المنتظرة من المبادرة الوطنية السورية ستكون، وفق غليون «توحيد القوى العسكرية في الداخل... وتشكيل جهاز تنفيذي يتسلم مهام حكومة منفى»، متوقعاً ألا يتم إعلان حكومة المنفى في اجتماع يوم الخميس. وقال: «أرى أن ذلك يجب ألا يتجاوز شهرين من الآن». ورداً عن سؤال عما إذا كان يعتقد أن الأميركيين قد خذلوا المجلس الوطني السوري بطرح هذه المبادرة الجديدة، قال غليون: «خذلونا منذ 20 شهراً وليس الآن فقط. نعم، نعتقد أن المجتمع الدولي قد خذلنا». من جانبه، أكد المعارض السوري البارز رياض سيف الذي طرح اسمه لتولي رئاسة حكومة سورية في المنفى امس، أنه لن يكون مرشحاً لهذا المنصب، موضحاً أن المعارضة السورية تستعد لإنتاج «قيادة سياسية» جديدة خلال اجتماعها الموسع الخميس في الدوحة. وقال سيف للصحافيين: «لن أكون مرشحاً لرئاسة حكومة منفى بأي شكل من الأشكال، أنا عمري 66 سنة، ولدي مشاكل صحية... أنا أحب سورية، وقد عدت للعمل السياسي بعد الثورة، لكنني أعتقد أن هناك المئات من الشباب السوريين القادرين على تبوّؤ هذا المنصب». وتابع سيف: «سأكتفي الآن بالمساعدة على تشكيل قيادة سياسة يرضى عنها الشعب السوري والعالم». ووفق سيف، فإن «المبادرة ليست بديلاً عن المجلس الوطني، لكن المجلس الوطني يجب أن يكون جزءاً مهماً منها، فإسقاط النظام يلزمه ألف مجلس وطني». وأضاف: «في يوم 8 تشرين الثاني (نوفمبر) سنخرج قيادة سياسية، وهي التي ستشكل حكومة تكنوقراط في أقرب وقت ممكن، وحينها ستقرر القيادة الجديدة مقر الحكومة، في القاهرة أو غيرها». وأعرب المعارض عن تفاؤله «بهذه الحركية الجديدة في مسيرة كفاح الشعب السوري، الأشياء يجب أن تتغير الآن». كما توقع أن تقوم مئة دولة أو أكثر بالاعتراف بالكيان المعارض الجديد، الذي يُتوقع أن تعلن ولادته في الدوحة. إلى ذلك، اعتبر وزير الخارجية الإيراني علي أكبر صالحي، في مقابلة نشرتها صحيفة «الوطن» القطرية، أن اجتماعات فصائل المعارضة السورية في ما بينها غير مفيدة، بل يجدر أن تعقد المعارضة لقاءات مع الحكومة السورية لتشكيل حكومة انتقالية. وقال صالحي، الذي تعد بلاده الداعم الأول لنظام الرئيس السوري بشار الأسد: «إننا نرحب بأي لقاء بين الحكومة والمعارضة ونشجعه، أما أن تجتمع فصائل المعارضة في ما بينها وتناقش الأزمة وفق رؤيتها، فهذا غير مفيد، وما لم تجلس الحكومة والمعارضة إلى طاولة الحوار فإننا لن نصل إلى نتيجة».