في ليلة تاريخية من خيال، شع نور الأهلي في سماء القارة الآسيوية، وساد اللون «الأخضر» في أرجاء «عروس البحر الأحمر» جدة ابتهاجاً بالانتصار الكبير في ال«دربي» المثير على فريق الاتحاد بهدفين من دون رد والتأهل إلى نهائي كأس دوري أبطال آسيا 2012 أمام فريق أولسان هيونداي الكوري الجنوبي في الطريق إلى تحقيق الكأس الغالية، والتأهل إلى مونديال كأس العالم للأندية، وإعادة أمجاد الكرة السعودية «المتوقفة».ونثر أبناء «القلعة» الاريعاء الماضي الفرح بين جماهيرهم الكبيرة والغفيرة في جنبات استاد الأمير عبدالله الفيصل بعد ملحمة كروية تجلى فيها اللاعبون بقيادة «السفاح» البرازيلي فيكتور سيموس في أرض النزال، وسطّروا أروع مستوياتهم الفنية لقنوا بها منافسهم التقليدي فريق الاتحاد درساً كروياً قوياً لن ينساه الاتحاديون كافة لأمد بعيد، وذلك في ليلة خضراء خالصة بكل ما فيها الأداء والعطاء والإبداع والامتاع، ليعيد الزمان كتابة التاريخ الجميل من جديد بوصول الأهلي إلى نهائي الكأس الآسيوية بعد 26 عاماً من الغياب الطويل. ونجحت كتيبة «التماسيح الخضراء» في انتزاع ورقة التأهل من فم «الأسد»، ولم تتأثر بحجم الترشيحات الكثيفة التي نصبت الاتحاد طرفاً في النهائي القاري مستندة على الخبرة الكبيرة والكبرياء المتجدد سنوياً ل«العميد» في المحفل الآسيوي، إذ بدأ الأهلاويون موقعة الإياب بسيطرة ميدانية مطلقة وهجمات كروية متواصلة أقلقت دفاع الاتحاد وحارسه «الخبير» مبروك زايد، وإصرار من نوع مختلف لمحور الارتكاز معتز الموسى على هز الشباك حتى تحقق له ما أراد في نهاية الشوط الأول بهدف رأسي على طريقة كبار الهدافين فجر المدرجات الخضراء، وأعاد النزال إلى نقطة الصفر بين الفريقين، ليواصل أبناء «القلعة» هجومهم الرهيب وسيل الفرص المحققة أمام مرمى زايد وسط ضياع لاعبي الاتحاد الذين رفعوا راية الاستسلام أمام منظومة الإبداع الخضراء ليغمز السفاح البرازيلي كرة مرتدة سريعة بيسراه في الشباك الصفراء هدفاً أهلاوياً ثانياً في الدقائق الأخيرة كان كافياً لوصول الأهلي إلى نهائي دوري أبطال آسيا 2012. وقطف أنصار وعشاق ومحبي الأهلي ثمار الاهتمام الكبير والحرص منقطع النظير الذي يلقاه النادي عموماً، والفريق الكروي خصوصاً من «قلب الكيان الأهلاوي النابض»، والداعم الأول الأمير خالد بن عبدالله الذي هيأ سبل النجاح كافة لناديه، ورسم خريطة الطريق لإدارات «القلعة» المتعاقبة وأجيال اللاعبين المتوالية جيلاً بعد جيل، إذ أسهم بفكره الكروي الراقي ورؤيته الرياضية الشمولية المستقبلية وبحنكته الإدارية القيادية في أن يجعل الأهلي في سدة أندية آسيا. بينما نجحت إدارة النادي الأهلي بقيادة «ربان السفينة الماهر» الأمير فهد بن خالد في الوصول بالفريق إلى المكانة الراقية التي تثلج صدور الجماهير الأهلاوية الوفية في كل مكان، عندما أسهم بقدرته البارعة على التخطيط بمهنية عالية في تنامي مكتسبات النادي الأهلي، إذ حققت سلسة التعاقدات الكروية التي أبرمها الرئيس الأهلاوي نجاحات غير مسبوقة في الملاعب السعودي، بدءاً من المدرب التشيخي كاريل غاروليم الذي سحب بساط التفوق والنجومية من بقية المدربين الأجانب في الاندية المحلية، ومروراً بالثلاثي الأجنبي الذي يعتبر الأفضل والأكثر تأثيراً في فريقه من بقية المحترفين، فالبرازيلي فيكتور سيموس هو فارس الرهان والتحديات في هجوم «القلعة»، و«الغزال» العماني عماد الحوسني يظل الرمح المشتعل في الفريق، كذلك الكولومبي بالومينو يعد هو الآخر الجوكر المبدع سواءً في مركز قلب الدفاع أو في محور الارتكاز، إضافة إلى أبناء الأهلي المحليين المميزين الذين أعادوا أيام «قلعة زمان»، وقدموا فريقهم في أجمل حله وأبهى صورة، مدرسة أهلاوية كروية تدعمها جماهير غفيرة عاشقة كانت هي الأخرى حكاية جديدة في المدرجات، وقصة في الريادة التشجيعية على مختلف الطرق الحديثة والأساليب الرائعة التي تفوقت بها على الكثير من جماهير الأندية الأخرى. ولم تكن بداية «سفير الوطن» في دوري أبطال آسيا مشجعة بعد الخسارة في أول مباراة أمام لخويا القطري خارج الأرض بهدف من دون رد، ثم تعادل مع أصفهان الإيراني بهدف لهدف في جدة، لتشهد الجولة الثالثة الفوز الأول ل«قلعة الكؤوس» على فريق النصر الإماراتي بنتيجة بهدفين في مقابل هدف في دبي، ثم كرر الأهلي فوزه على النصر في الجولة الرابعة في جدة بثلاثة أهداف في مقابل هدف، ومن ثم حقق فوزاً عريضاً في الجولة الخامسة على حساب لخويا القطري بثلاثية نظيفة، بينما سقط الأهلي في آخر مباريات مرحلة المجموعات بالخسارة أمام أصفهان في إيران بهدفين في مقابل هدف. وفي الدور الثاني تمكن الأهلي من تجاوز الجزيرة الإماراتي على أرضة وبين جماهيره بركلات الترجيح (4-2) بعد التعادل بثلاثة أهداف لكلا الفريقين، فيما تجاوز في الدور ربع النهائي فريق سباهان أصفهان الإيراني بالتعادل السلبي في إيران، وعبر الفوز عليه في لقاء الإياب في جدة بأربعة أهداف في مقابل هدف، ليتأهل الأهلي لمواجهة الغريم التقليدي فريق الاتحاد في الدور نصف النهائي، ويخسر مواجهة الذهاب بهدف من دون رد قبل أن يحقق الانتصار في مواجهة الإياب الأربعاء الماضي بهدفين من دون رد وينتزع ورقة التأهل إلى المباراة النهائية حاملاً آمال السعوديين والعرب في الكرنفال الآسيوي المقبل.