رغم إرجاء القوى الإسلامية مليونية «تطبيق الشريعة» التي أعلنت تنظيمها للمطالبة بالنص في الدستور المصري على تطبيق «أحكام الشريعة الإسلامية» إلى يوم الجمعة المقبل، إلا أن مئات من أنصار التيار الإسلامي تجمعوا في ميدان التحرير أمس للمطالبة بتطبيق الشريعة، ورفعوا لافتات تحمل هذا المعنى، فيما تكثّف الجمعية التأسيسية للدستور من نشاطها في الأيام المقبلة من أجل الانتهاء من كتابة الدستور الجديد. وأقيمت منصة وحيدة في ميدان التحرير رفع أمامها المتظاهرون لافتات تطالب بتطبيق الشريعة وتطهير القضاء وإقالة النائب العام عبدالمجيد محمود. وكانت 22 حركة إسلامية من غير القوى الأساسية أعلنت تنظيم فعاليات على مدار الأسبوع الجاري تسبق الحشد ل «مليونية تطبيق الشريعة» للمطالبة بضرورة النص صراحة على إعمال «أحكام الشريعة» بدل النص الحالي على مبادئها، والالتزام بتطبيقها في الدستور الجديد. ومع انتصاف النهار، تزايدت أعداد المتظاهرين في الميدان، لكنها ظلت قليلة مقارنة بالحشد الذي اعتاد الإسلاميون تأمينه في تظاهرات نظموها في الفترة الأخيرة. ووزع المتظاهرون منشورات تطالب بضرورة تطبيق «أحكام الشريعة الإسلامية»، ذكروا فيها أنه لا يوجد شيء في الإسلام يسمى «مبادئ الشريعة». وأبقت المسودة الأولية للدستور التي أعدتها جمعية تأسيسية يهيمن عليها الإسلاميون، على صيغة المادة الثانية من دستور العام 1971 بالنص على أن «الإسلام دين الدولة ومبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع». لكنها أضافت مادة حملت الرقم 221 ونصت على أن «مبادئ الشريعة الإسلامية تشمل أدلتها الكلية وقواعدها الأصولية والفقهية ومصادرها المعتبرة في مذاهب أهل السنة والجماعة». لكن قوى إسلامية، خصوصاً من التيار السلفي، تصر على النص على «أحكام الشريعة» بدل مبادئها، على اعتبار أن المحكمة الدستورية العليا فسرت المبادئ بأنها النصوص قطعية الدلالة والثبوت، وهي نصوص يراها السلفيون قليلة جداً، ما يعني في رأيهم «تعطيل تطبيق الشريعة». وردد المتظاهرون هتافات بينها: «الشعب يريد تطبيق شرع الله» و «الناس بتقول مصاريف وعيال، بالإسلام ينصلح الحال» و «إسلامية إسلامية، رغم أنف العلمانية» و «بسم الله بسم الله، الشريعة يعنى حياة» و «الإسلام هو الحل» و «لا شرقية ولا غربية، مصر دولة إسلامية» و «القرآن هو الدستور» و «عيش، حرية، شريعة إسلامية». ورفعوا لافتات وأعلاماً سوداء كُتب عليها «لا إله إلا الله محمد رسول الله» و «نطلب حذف كلمة مبادئ من المادة الثانية في الدستور» و «رضيت بالله حكماً... والشريعة رخاء واستقرار». وتحدث عدد من دعاة التيار الإسلامي بينهم جمال صابر القريب من المحامي السلفي البارز حازم صلاح أبو إسماعيل، وقال: «سنشارك بقوة في مواجهة الضغط الذي يمارسه العلمانيون والليبراليون على الجمعية التأسيسية للدستور»، مطالباً بأن ينص الدستور على أن «الشريعة المصدر الوحيد للتشريع في مصر، ولا يجوز سن أي قوانين تخالف الشريعة». واعتبر أن «الليبراليين والعلمانيين قلة ويضغطون على الجمعية التأسيسية لفرض أفكارهم الغريبة عن المجتمع المصري». ونظم مئات مسيرات من مساجد عدة بعد صلاة الجمعة اتجهت صوب ميدان التحرير للمشاركة فى التظاهرات. وتأتي هذه التظاهرات فيما تستعد الجمعية التأسيسية لتكثيف جلساتها اعتباراً من غد، إذ تعقد أربع جلسات متتالية لمناقشة المسودة شبه النهائية للدستور، التي وصفها عضو لجنة الهيئات الرقابية والأجهزة المستقلة في الجمعية محمد محيي الدين بأنها «المسودة الأولية الحقيقية التي يجب أن تكون محل توافق قبل عرضها على الجمعية التأسيسية». وكانت جماعة «الإخوان المسلمين» سعت إلى التوافق على حل وسط لأزمة المادة الثانية عبر الإبقاء على نصها الحالي إرضاء للقوى الليبرالية، من خلال التأكيد على أن «مبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيس للتشريع»، وإضافة المادة 221 في باب الأحكام العامة للنص على أن «مبادئ الشريعة الإسلامية تشمل أدلتها الكلية وقواعدها الأصولية والفقهية ومصادرها المعتبرة في مذاهب أهل السنة والجماعة»، إرضاء للقوى السلفية التي ترفض تفسير المحكمة الدستورية العليا لهذه المادة. من جهة أخرى، شهدت زيارة الرئيس محمد مرسي إلى أسيوط (جنوب مصر) أمس إجراءات أمنية غير مسبوقة، إذ تمت الاستعانة بآلاف من قوات الأمن المركزي وأعداد كبيرة من القوات الخاصة والاستخبارات تواجدوا فى أسيوط قبل إتمام الزيارة بأيام. وكانت قوات الحرس الجمهوري وصلت فجر الخميس في قطار خاص، وتسلمت المناطق التي زارها الرئيس وهي قناطر أسيوطالجديدة ومسجد عمر مكرم وقاعة المؤتمرات في المبنى الإداري في جامعة أسيوط، قبل أن يلتقي قيادة المنطقة الجنوبية العسكرية بحضور وزير الدفاع الفريق أول عبدالفتاح السيسي.