أثار تركيز قادة جماعة «الإخوان المسلمين» خلال اليومين الماضيين على قضية تطبيق الشريعة الإسلامية في مصر، تساؤلات عما إذا كان الهدف منها مغازلة الناخبين الإسلاميين في إطار المنافسة مع التيار السلفي الذي يحاول الظهور أخيراً في صورة «المدافع عن الشريعة» ودعا إلى تظاهرات الشهر المقبل للمطالبة بتطبيقها، أم أنه يأتي في إطار التغطية على ما يراه معارضون فشلاً في الوفاء بوعود اقتصادية واجتماعية كان الرئيس محمد مرسي تعهد تنفيذها خلال حملته الانتخابية. وكان رئيس البرلمان السابق سعد الكتاتني شدد عقب تنصيبه رئيساً لحزب «الحرية والعدالة»، الذراع السياسية ل «الإخوان»، على أن هدف حزبه «تحقيق الحكم الرشيد ليصل إلى تطبيق الشريعة الإسلامية»، وسبقه بساعات تأكيد القيادي «الإخواني» البارز محمد البلتاجي في تصريحات صحافية أن «المجتمع المصري لن يقبل إلا بأحكام الشريعة الإسلامية»، مستخدماً النص الذي يريد السلفيون إدراجه في الدستور بدل النص الحالي الذي يتحدث عن مرجعية «مبادئ الشريعة». وفي معرض رده على منتقدي مادتين في الدستور الجديد إحداهما ترهن حقوق المرأة ب «ما لا يخالف الشريعة» والأخرى تشير إلى أن مبادئ الشريعة تتضمن الأحكام والقواعد الفقهية، شدد البلتاجي على أن الخلاف «ليس له ما يبرره، ولا يمكن لمدنية الدولة أن تفرض شيئاً لا يريده المجتمع». لكن مدير «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» ضياء رشوان تحدى قادة «الإخوان» المطالبين بتطبيق الشريعة، موضحاً أنهم «يملكون الآن السلطة التشريعية فليطبقوا أحكام الشريعة ثم ينتظروا رد فعل الشعب المصري الذي يتحدثون باسمه». وقال إن «الرئيس مرسي يملك السلطة التشريعية الآن والإخوان لديهم الغالبية في مجلس الشورى (الغرفة الثانية) لذا فعليهم تطبيق ما يتصورنه في شأن الشريعة... الإخوان لا يجب أن يطالبوا فهم من يملك السلطة وعليهم تطبيق ما يطرحونه. أما إذا لم يفعلوا فعليهم غلق أفوههم». في المقابل رأى الخبير السياسي النائب السابق عمرو الشوبكي أن «استدعاء الإخوان لخطاب تطبيق الشريعة الذي دائماً ما يكون له أنصاره في الطبقات الاجتماعية، يأتي في إطار المنافسة مع التيار السلفي ومغازلة القاعدة الناخبة وفي إطار الصراع مع القوى المدنية ومحاولة إعطاء شرعية للتوجهات السياسية للجماعة وموقفها باعتبار أنها من أجل الشريعة». ورأى أن «الإخوان يوظفون الشريعة في إطار منافستهم مع التيارات المدنية، وللتغطية على الفشل في الملفات الاجتماعية، وليس فقط مغازلة القاعدة الإسلامية في إطار منافستهم مع السلفيين». في المقابل، رفض عضو مجلس شورى «الإخوان» جمال حشمت ما طرحه الشوبكي. وقال: «إذا كان هذا الحديث في إطار مغازلة الشارع فلماذا لا يغازلونه أيضاً؟ لا أدري لماذا هذه الحساسية تجاه أي تصريحات عن تطبيق الشريعة». وأوضح أن «الشريعة الإسلامية تم تقنينها منذ ثمانينيات القرن الماضي، وتم تطبيق بعضها ونحن نسعى إلى تعميمها... تطبيق الشريعة ليس معناه الحدود وإنما هي حياة مجتمعية واقتصادية متكاملة وهي مطلب عام لكل الناس وحرص عام في المجتمع، والأصل ألا تخالف القوانين الشريعة». وبدا أن تصريحات قادة «الإخوان» استنفرت التيار السلفي الذي يتبنى خطاباً أكثر تشدداً، فدعا عضو الجمعية التأسيسية عضو الهيئة العليا لحزب «النور» السلفي يونس مخيون المصريين إلى «النزول في الاستفتاء على الدستور الجديد لنصرة الشريعة إذا كان الدستور سينصر الشريعة، على رغم أنه لا بد من أن تطبق الشريعة من دون تصويت». وقال في ندوة لحزبه في السويس إن الأعضاء السلفيين في التأسيسية «واجهوا خلافاً مع العلمانيين في شأن النص على تطبيق الشريعة أو مبادئها فقط في الدستور... قلت للأحزاب العلمانية إذا كنتم تبحثون عن دستور علماني فابحثوا عن شعب آخر غير الشعب المصري وضعوا له هذا الدستور لأن الشعب المصري يحب الشريعة الإسلامية». وأضاف: «نحن الآن في مفترق طرق، فإما حكم الإسلام أو حكم الأحكام الكفرية... هؤلاء الليبراليون أو العلمانيون صوتهم عالٍ يحاولون أن يفرضوا رأيهم بالقوة عن طريق وسائل الإعلام وتخويف الناس من الإسلام».