تستأنف محكمة القضاء الإداري في مصر النظر في قضية حل الجمعية التأسيسية للدستور بعدما رُفض طلب محامي جماعة الإخوان المسلمين برد هيئة المحكمة، فيما لم يستبعد رئيس الجمعية القاضي السابق المستشار حسام الغرياني صدور حكم بحلها، لكنه في الوقت نفسه توقع أن يعيد الرئيس محمد مرسي تشكيلها بقرار رئاسي لتحصينها من الطعن أمام محاكم القضاء الإداري. وتوقعت مصادر قضائية أن تحجز المحكمة القضية للحكم، مستبعدة صدور الحكم اليوم. وتستأنف المحكمة نظر القضية وسط جدل محتدم حول بنود خلافية في الدستور على رأسها المادة الثانية الخاصة بتطبيق الشريعة الإسلامية، إذ يصر الليبراليون على إبقاء هذه المادة كما هي بنصها على أن «مبادئ الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع»، فيما يتمسك السلفيون بحذف كلمة مبادئ أو النص على أن الأزهر الشريف هو المرجعية النهائية في ما يخص تفسير ما يتعلق بهذا الأمر، وهو أمر ترفضه مؤسسة الأزهر ذاتها. كما أن هناك خلافات بين الليبراليين والإسلاميين بخصوص مواد الحريات في الدستور الجديد، خصوصاً ما يتعلق منها بقيود تحدث ليبراليون على فرضها على النشر وحرية الرأي منها السماح بغلق الصحف. ويتظاهر اليوم أمام مجلس الشورى (الغرفة الثانية للبرلمان) الذي يستضيف اجتماعات الجمعية، مناصرو قوى ليبرالية عدة احتجاجاً على المواد «المقيّدة للحريات» وللمطالبة بإعادة تشكيل الجمعية التأسيسية التي تعتبر هذه القوى أن التيار الإسلامي مسيطر عليها. وتعقد شخصيات ليبرالية اجتماعاً صباح غد مع ممثلين لجماعة الإخوان المسلمين والتيار السلفي في مقر مجلس الشورى من أجل التوصل إلى حلول بخصوص البنود المختلف عليها، قبل أن تلتقي شخصيات ليبرالية من مختلف الأحزاب مساء لحسم موقفها من الاستمرار في أعمال هذه الجمعية. ووسط هذا الجدل تنعقد اليوم الدائرة الأولى في مجلس الدولة لاستئناف نظر دعوى حل التأسيسية بعد أن رُفض طلب محامي جماعة الإخوان رد القاضي المستشار عبدالسلام النجار الذي سبق أن أصدر حكماً بحل الجمعية التأسيسية الأولى. وبدا أن محامي الجماعة أرادوا تعطيل صدور حكم بحل الجمعية لإمهال أعضائها فرصة لكتابة الدستور والاستفتاء عليه، لكن الخلافات حول بنود الدستور عطلت هذه الخطة. وعلى رغم أن طلب محامي الجماعة برد (أي تنحية) النجار رُفض وتم تغريمها مبالغ مالية كبيرة، إلا أن النجّار لن يتسنى له نظر القضية بسبب نقله إلى محافظة المنوفية. وسينظر رئيس محاكم القضاء الإداري في مجلس الدولة رئيس الدائرة الأولى المستشار فريد نزيه تناغو القضية اليوم. وكان النجار أصدر حكماً بحل الجمعية الأولى بسبب ضمّها عدداً من البرلمانيين، فضلاً عن عدم وجود معايير واضحة لاختيار أعضائها، وهي الأخطاء نفسها التي وقع البرلمان المنحل فيها عند اختيار أعضاء الجمعية الثانية، ما عزز التوقعات بإصدار حكم مماثل بحل الجمعية، حتى أن رئيس الجمعية المستشار حسام الغرياني لم يستبعد صدور مثل هذا الحكم. وقال الغرياني إن هناك بالفعل احتمالاً بصدور حكم قضائي بحل الجمعية التأسيسية «لكن أي جمعية جديدة ستبدأ على أساس ما تركته الجمعية الحالية». وأضاف خلال لقائه وفد ممثلي الاتحاد الأوروبي في القاهرة الذي يضم 31 شخصية، أنه كان من الممكن الانتهاء من صياغة الدستور بنهاية تشرين الأول (أكتوبر) الجاري، إلا أن اجازة عيد الأضحى في نهاية الشهر قد تحول دون ذلك، متوقعاً انتهاء عمل الجمعية خلال تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل. وأوضح الغرياني أن كثيراً من المقترحات لم تعرض بعد على الجمعية بكامل هيئتها وإنما هي انتاج للجانها فقط. ورداً على سؤال في شأن الهجوم على الجمعية التأسيسية من جانب القوى الليبرالية وإمكانية تعرضها للحل، قال الغرياني: «إن الجمعية تتعرض للهجمات والانتقادات منذ نشأتها وهناك حكم قضائي متوقع صدوره الثلثاء في شأن مصيرها، ولو صدر الحكم بحل الجمعية فإنه وحسب الإعلان الدستوري يمكن لرئيس الجمهورية لو أراد أن يقوم بتشكيل جمعية جديدة بتشكيل جديد أو بنفس الأعضاء، ولا مخالفة في ذلك للقانون، لأنه لا توجد شروط في هذا الشأن كالتي كانت». وأوضح أنه «في الحالتين، سواء تم تشكيل جمعية جديدة بالتشكيل الحالي أو بتشكيل آخر، سيظل هناك حراك معارض لها، ولكن من المؤكد أن الجمعية القادمة ستأتي على عمل معد من قبل وفي ظل دراسات ومناقشات من اللجان كلها مسجلة تفصيلياً وستبني على أساس موجود». وقال الغرياني: «ننتظر الحكم ولكن لن نتوقف عن العمل والوقت ليس ضائعاً، ونحن قدمنا جهدنا لشعب مصر». وحول الإصلاح القضائي في مصر، قال المستشار الغرياني إن النظام القضائي بحاجة لتعديلات وإصلاحات ولكن ليس مجالها الدستور وإنما القوانين المنظمة لهذه السلطة وهناك محاولات للإصلاح حال دون إكمالها غياب البرلمان، مضيفاً: «بمجرد انتخاب برلمان جديد ستكون من أولوياته مناقشة مشاريع لإصلاح النظام القضائي». وقال إنه بعد الجلسة الأخيرة للجمعية التأسيسية والتي ناقشت مصير مجلس الشورى، بدا أن هناك اتجاهاً نحو الإبقاء على هذا المجلس باختصاصات حقيقية وأن يكون شريكاً لرئيس الدولة في اختيار كبار المسؤولين.