طغت محاولات تجنيد شبان مسيحيين من عرب الداخل على اهتمامات قادة الفعاليات السياسية والدينية العربية الذين أصدروا بيانات تندد بهذه المحاولات وتحذر من مخطط السلطات الإسرائيلية عبر أذرعها المخابراتية زرع الفتنة بين الفلسطينيين في الداخل على خلفية قضية طالما اعتبروها «خطاً أحمر». وقال رئيس مجلس الطائفة العربية الأرثوذكسية في الناصرة الدكتور عزمي حكيم إنه تلقى أمس تهديدات بالقتل «من الاستخبارات الإسرائيلية مباشرة وأقزام آخرين» في أعقاب قرار المجلس فرض الحرمان الكنسي على الكاهن جبرائيل نداف لمشاركته في مؤتمر عقده ممثلون عن الجيش الإسرائيلي واستخباراته قبل أسبوعين لحض الشبان المسيحيين على الالتحاق بالجيش الإسرائيلي. وأضاف أن متصلين مجهولين هددوه «بقطع رأسه عن جسمه في حال اقترب من الأب نداف». وكان المجلس أصدر بيانًا جاء فيه أنه بصفته «صاحب مُلك كنيسة البشارة الأرثوذكسية في الناصرة فإنه يُقرّ منع الكاهن جبرائيل نداف من مزاولة الكهنوت داخل الكنيسة بأي شكل من الأشكال وفرض الحرمان الكامل عليه من قبل كل مؤسسات الطائفة». وأضاف أن موقف الطائفة العربية الأرثوذكسية كان ولا يزال يؤكد حقيقة واحدة ووحيدة وهي أن «المسيحيين العرب في البلاد هم جزء لا يتجزأ من أبناء شعبهم الفلسطيني الباقين في وطنهم، وحمايتهم هي كحماية سائر أبناء شعبهم في البلاد من سياسة التمييز القومي التي تتبعها الحكومات وسائر أذرع المؤسسة الحاكمة في إسرائيل، وكل دعوات مشبوهة لغير ذلك تهدف إلى التفرقة العنصرية المقيتة واختلاق احتراب داخلي لضرب المناعة الوطنية الكفيلة في مواجهة السياسة العنصرية وسياسة الاقتلاع، لأنه بتفريقنا نصبح لقمة سائغة في فم السلطة الحاكمة». وحذر بطريرك اللاتين السابق في القدس ميشيل صباح «الشباب المسيحيين» من الوقوع في فخ «التجنيد لجيش يصوب سلاحه إلى الفلسطينيين». واستنكر رئيس أساقفة سبسطية للروم الأرثوذكس المطران عطاالله حنا «مؤتمر التجنيد» مؤكداً «موقفنا الثابت والواضح برفض انخراط شبابنا المسيحيين في الجيش الإسرائيلي، لأسباب مبدئية أخلاقية مستندة إلى إيماننا وعقيدتنا». واعتبر دعوة الشباب المسيحي للخدمة في الجيش الإسرائيلي «مؤامرة خطيرة تستهدف اقتلاع شبابنا من جذورهم الوطنية وتسميم أفكارهم وعقولهم وأذهانهم بمواقف لا تتناسب وأصالتنا التاريخية في هذه البلاد وجذورنا العميقة في هذه البقعة المقدسة من العالم». ودعا حنا جميع الكنائس والرعايا إلى «توجيه أبنائنا توجيهاً روحياً واجتماعياً ووطنياً سليماً» ونبذ ظاهرة التجنيد في الجيش الإسرائيلي «لأنها تسيء إلى تاريخنا المجيد وإلى انتمائنا المسيحي وإلى هويتنا العربية الفلسطينية». ولاذ مطران أبرشية الجليل للروم الملكيين الكاثوليك الياس شقور بالصمت على رغم الأصوات المرتفعة في أوساط أبرشيته بوجوب اتخاذ موقف واضح. وكان المطران شقور، الذي يرأس أكبر طائفة مسيحية في إسرائيل، رفض في حديث إلى صحيفة «كل العرب» النصراوية إبداء رأيه في الموضوع بداعي أنه يحتفظ بموقفه لنفسه. ولم يرد على رسالة وجهتها إليه «الحياة» بهذا الخصوص، لكن كهنة وعلمانيين بارزين في الأبرشية يمارسون ضغوطاً من أجل أن تصدر المطرانية بياناً واضحاً. وعمم النائب في الكنيست من «الجبهة» حنا سويد بياناً على وسائل الإعلام حذر فيه من « التحايل على وعي الشباب بإغرائهم بالانخراط في الخدمة العسكرية التطوعية». وحذر «الكهنة ورعاة الأبرشيات المسيحية من مغبة المهادنة والانسياق مع الحملة المشبوهة لاستدراج الشبان المسيحيين وجعلهم مرتزقة في الجيش بذريعة المساهمة في حماية طائفتهم وردع المعتدين عليها». وأهاب سويد «بالشبان المسيحيين برفض الانخراط في هذه الحملة المشبوهة جملة وتفصيلاً لأنها تستهدف بالحقيقة انتماءهم العربي الفلسطيني وتسعى لتشويهه وللنيل من كرامتهم الوطنية بجعلهم مرتزقة، في حين أنهم بحاجة ماسة وحقيقية لأن توفر المؤسسات الرسمية لهم فرص التعليم الجامعي والعمل ومصادر العيش الحر الكريم وليس التسلح وامتلاك وسائل القتل والعنف». وأضاف أن «حماية المجتمعات الأهلية في مجتمعنا لا تتحقق بخلق توازنات الرعب بين مركباته المختلفة بل بتشجيع الاحترام المتبادل والتقاء المصالح البنّاءة للجميع». واعتبر رئيس الحركة العربية للتغيير أحمد الطيبي أن «المحاولات الخبيثة والدنيئة» من قبل منظمي المؤتمر لن تنجح في تشويه سمعة المسيحيين «الذين يشهد التاريخ على دورهم المهم في النضال الفلسطيني وعلى قائمة طويلة من المناضلين المسيحيين الشرفاء ضد الاحتلال». وأضاف الطيبي أن «القيادات المسيحية في البلاد أذكى وأوعى من أن تقع في هذا المطبّ الإسرائيلي لتفتيت مجتمعنا العربي الفلسطيني إلى طوائف وأوساط وفئات من منطلق مبدأ فرّق تسد، ولخلق الفتنة الطائفية بيننا».