بعد أن كان يستخدم «يديه» في سرقة الكابلات ومعصية الله، عاد المواطن أبو فهد مدمن وتاجر المخدرات ل «يمد» يديه وطلب المغفرة من الله وهو واقف في مشعر منى يؤدي مناسك الحج. ولم يتوقع «أبو فهد» الذي تخصص في السرقة لتوفير مصاريف المخدرات أن يدون اسمه ضمن ثلاثة ملايين حاج بتوجيه من وزارة الداخلية، خصوصاً وأنه أمضى 20 عاماً من حياته في تداول المواد المخدرة ما بين زبون مدمن، وتاجر لا يرحم ضحاياه. ويقول أبو فهد الذي رافقته «الحياة» إلى خيمته في منى بعد رمي الجمرات «كنت مجتهداً في الدراسة ومحبوباً من الأهل ومتميزاً بين إخواني، وبدأت مرحلة التعاطي بعد دخولي للمرحلة الثانوية وكنت حينها مراهقاً». ويضيف «استمررت وأخذت نشوتها ولذتها، وانكشفت أمام الأهل وتدهورت العلاقة، وكنت أتهرب عن المنزل لأكثر من سبعة أشهر بسبب المخدرات». ويوضح أبو فهد الذي لا يخفي سعادة وجوده بالمشاعر المقدسة، أنه كان يجمع قيمة المواد المخدرة من خلال تنفيذ سرقات كيابل الكهرباء، ووصلت إلى مرحلة اليأس، ودخلت مستشفى الأمل في برنامج الرعاية المستمرة. ولا يختلف حال أبي عبدالله (40 عاماً) عن أبي فهد، والذي دخل عالم الإدمان، وهو في السنة ال 12 من عمره، موضحاً أن حبه للاستطلاع والفضول سبب رئيسي للدخول إلى عالم المخدرات، وبالأخص بعد تأثره بشقيقه الأكبر. ويقول «كنت أقتدي به في كل شيء وكانت شخصيته قيادية والكل يحترمه، لكن المفاجأة أنه يتعاطى المخدرات، وعند علمه برغبتي في التعاطي طلب مني مشاركته فيها داخل المنزل». ويبين أنه مر بثلاث مراحل أبرزها الاستخدام، وسوء الاستخدام، والإدمان، مشيراً إلى أنه تدرج حتى وصل عالم الإدمان وكان عمره لا يتجاوز 16 عاماً. فيما يرى أبو يوسف الذي استمر أكثر من 16 عاماً في عالم المخدرات أنه في بدايته كان يجهل أضرار الكحول والحشيش ولكنه وقع فيها قبل البدايات. ويضيف «تورطت فيها بدافع الفضول ومشاركة الأصدقاء، إضافة إلى الجهل بأضرار المخدرات والكحول، وتحول بعد ذلك إلى الهرويين بسبب انقطاع الحشيش». وأشار إلى أنه كان يومياً بحاجة إلى تغيير المزاج «فصار عندي مبدأ التجربة وهي سهلة جداً، وبدأت رحلة الحضيض الروحي والنفسي واليأس حتى ساءت علاقتي مع الله، والأهل، والأصدقاء، ووصلت إلى مرحلة الامراض». من جهته، أوضح رئيس مركز الرعاية المستمرة مجمع أعمال الصحة النفسية بالدمام والمشرف على الحجاج المتعافين في المديرية العامة لمكافحة المخدرات يوسف اليوسف ل «الحياة» أن عدد الحجاج الذين تم تحجيجهم وصل إلى 150 حاجاً وذلك تحت إشراف المديرية العامة لمكافحة المخدرات. وقال اليوسف إن هذا هو التوجه حالياً تجاه أصحاب السوابق، مشيراً إلى أنه يشترط جدية تعافيهم وانضباطهم في برنامجهم والإقلاع التام وعدم تعاطيهم أي مخدرات بعد فترة. ولفت إلى أنهم يقدمون مساعدتهم للمدمنين من خلال الرفع للجهات المختصة لإسقاط السوابق، مشيراً إلى أن إدارة المخدرات ساعدت المدمنين في حل تلك المشكلة بالتعاون مع وزارة الداخلية، إضافة إلى سجل السوابق بالشرطة.