تكرّس عطلة عيد الأضحى المبارك في لبنان حال المراوحة في الأزمة السياسية المعقدة التي نجمت عن اغتيال رئيس فرع المعلومات في قوى الامن الداخلي اللواء وسام الحسن في ظل إصرار «قوى 14 آذار» على استقالة حكومة الرئيس نجيب ميقاتي شرطاً للحوار، مقابل إصرار الأطراف الفاعلة في الأكثرية على الحوار حول الأزمة ومواصلة الدول الكبرى تحذيرها من الفراغ وتقويض الاستقرار في حال استقالة الحكومة من دون الاتفاق على البدائل، وهو الموقف الذي يسعى رئيس الجمهورية ميشال سليمان الى تلافيه عبر تقريب موعد اجتماع هيئة الحوار للبحث في الأزمة. ووسّعت قوى 14 آذار اتصالاتها مع سفراء الدول الكبرى وبعض العواصم لشرح موقفها بالإصرار على استقالة ميقاتي، فيما أكد بعض هؤلاء أن موقفهم لا يعني تأييد بقاء الحكومة بقدر ما يتخوف من تصاعد المواجهة بين الفرقاء اللبنانيين إذا عجزوا عن الاتفاق على تشكيل حكومة جديدة. واجتمع رئيس كتلة «المستقبل» النيابية رئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة مع عدد من سفراء الدول الأعضاء في مجلس الأمن والسفراء العرب، والممثل الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة ديريك بلامبلي. واعلن السنيورة، بعد لقاءاته، أنه لمس «تفهماً» من السفراء. ودعا الى تشكيل حكومة جديدة «تعيد التوازن وتحضر الأجواء لأداء أفضل وتهيئ للانتخابات». وشدد على أن «باستقالة الحكومة لن يكون هناك فراغ والحكومة الحالية تقوم بتسيير الأعمال». وإذ أكد السنيورة أنه ستكون هناك متابعة مع الدول المعنية، اعتبر أنه ليس هناك سوابق للاتفاق على حكومة جديدة فيما الحكومة لا تزال قائمة. وقال: «إن الخروج من الأزمة ينطلق من إعلان بعبدا». وأوضح عدد من السفراء إن تغيير الحكومة شأن لبناني. وأكد بلامبلي دعم جهود الرئيس سليمان في مشاوراته. في موازاة ذلك، التقى النائب مروان حمادة في باريس وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس، الذي أكد أن فرنسا «ليست مع هذا أو ذاك من الأشخاص لكنها تدعم المؤسسات وتقدر موقف الرئيس سليمان مما حصل ورفضه استقالة الحكومة لأن فرنسا تخشى الفراغ»، كما قالت مصادر فرنسية مطلعة. وذكرت المصادر أن فابيوس كرر إنه «ينبغي تجنيب لبنان الوقوع في الفخ الذي نصبه (الرئيس) بشار الأسد له، لا سيما حصول مواجهة بين قوى 14 آذار و8 آذار». وعلمت «الحياة» أن النائب حمادة أبلغ فابيوس أن الحكومة الحالية «ورقة في يد الأسد وأنها تابعة لحزب الله وتسعى الى تعيين مناصري سورية والحزب في المؤسسات الأمنية». وقالت المصادر إن ما يقصده الجانب الفرنسي بالوقوف الى جانب المؤسسات يعني البرلمان ورئاسة الجمهورية لا الحكومة فقط. وكانت السفيرة الأميركية مورا كونيللي في بيروت اعلنت، بعد اجتماعها مع نادر الحريري مدير مكتب الرئيس سعد الحريري، ان «الاتفاق على السير قدماً يعود الى الأطراف اللبنانيين، وإنه لأمر أساسي أن يتم ذلك من خلال مسار سياسي سلمي ويجب الحفاظ على استمرارية المؤسسات والعمل الحكومي لضمان الاستقرار والأمن والعدل في لبنان». وقالت مصادر قيادية في قوى 14 آذار إنها تستعد لإصدار بيان سياسي شامل في الأيام المقبلة تؤكد فيه ثبات موقفها بدعوة الحكومة الى الرحيل وتشكيل حكومة انتقالية حيادية، وترد في الوقت نفسه على ما أخذت تردده بعض الأوساط في الأكثرية من أنها أقدمت على خطوة ارتجالية غير مدروسة انعكست حالاً من الإرباك على الأطراف المنتمية إليها. وأضافت المصادر أن «لا عودة لقوى 14 آذار عن المعادلة التي وضعتها وهي أن رفض الفريق الآخر لتشكيل حكومة انتقالية قاعدتها بيان وزاري تحت سقف إعلان بعبدا الصادر عن هيئة الحوار الوطني، سيدفع في اتجاه مقاطعة جلسات البرلمان واجتماعات اللجان النيابية». وأكدت أن الاجتماعات تتواصل بين أركان قوى 14 آذار ومكوناتها وأن لقاء السنيورة بزعيم «تيار المستقبل» رئيس الحكومة السابق سعد الحريري في جدة أول من أمس في المملكة العربية السعودية، في حضور النائب نهاد المشنوق والنائب السابق غطاس خوري والوزير السابق محمد شطح ونادر الحريري يأتي في سياق الثبات على الموقف ورفع مستوى التنسيق. وشددت على «تفعيل الاعتصام في ساحة رياض الصلح في بيروت وأمام منزل الرئيس ميقاتي في طرابلس استعداداً لتنظيم تظاهرة بعد غد الأحد في وسط بيروت على مقربة من الخيم التي أقامها شباب 14 آذار». ولفتت المصادر الى أنه بموازاة تحرك السنيورة في اتجاه البعثات الديبلوماسية العربية والأجنبية، هناك تحرك مماثل لكل من رئيس حزب «الكتائب» رئيس الجمهورية السابق أمين الجميل ورئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، لشرح موقف 14 آذار من ترحيل حكومة ميقاتي من ناحية و «لإسقاط نظرية الخوف من إحداث فراغ في ظل عدم الاتفاق مسبقاً على الحكومة البديلة». وأكدت المصادر أن 14 آذار لن تدخل في أي تفاصيل تتعلق برأيها في تشكيل حكومة جديدة قبل رحيل الحكومة الحالية، كما لن تدخل في نفق الأسماء المرشحة لتولي الحكومة البديلة، خصوصاً أن هناك آلية واضحة تتعلق باستقالة الحكومات وتشكيل الحكومة الجديدة لا بد من اتباعها، «وتصريف الأعمال فور استقالة الحكومة أمر طبيعي وهذا ما حصل بعد استقالة حكومتي السنيورة والحريري».