عدّلت دول غربية لهجتها إزاء مطلب المعارضة اللبنانية استقالة حكومة الرئيس نجيب ميقاتي، من دون أن تغير في مضمون موقفها الذي يحذر من الفراغ الحكومي في حال استقالتها، في وقت أصرّت قوى 14 آذار في بيان صدر عن أمانتها العامة أمس على رحيل الحكومة فوراً، شرطاً أساسياً لأي جهود لدرء المخاطر، معتبرة أن إسقاطها هو «الخطوة الأولى للوقوف ضد الفتنة». وقالت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون في مؤتمر صحافي في واشنطن: «لا نريد رؤية فراغ في السلطة السياسية الشرعية قد يستفيد منه السوريون أو آخرون وقد يتسبب بمزيد من عدم الاستقرار والعنف». وكررت دعم جهود الرئيس ميشال سليمان بالبحث عن حكومة جديدة، داعية كل الأطراف إلى دعم هذه الجهود «من أجل إختيار حكومة مسؤولة وفعالة يمكنها معالجة التهديدات التي يواجهها لبنان ومحاسبة المسؤولين عن إنفجار الأسبوع الماضي». وفي باريس، دعا وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس لبنان الى «عدم التورط في الأزمة السورية، التي تحاول دمشق أن تدفعهم إليها»، بحسب ما نقلت عنه وكالة «فرانس برس». وأضاف فابيوس في الجمعية الوطنية أن «ما ينتظره حكم بشار (الأسد) هو تصدير الأزمة السورية، يجب على لبنان ألا ينجر» الى هذه الأزمة. وقال إن «اللبنانيين هم أصدقاؤنا وأشقاؤنا، وفرنسا تقف الى جانبهم في هذه الظروف الصعبة». وفيما سعى سفراء الدول الغربية وممثل الأمين العام للأمم المتحدة ديريك بلامبلي الى توضيح مواقفهم مع قادة المعارضة، واصل رئيس الجمهورية مشاوراته مع أركان هيئة الحوار الوطني حول إمكان عقد اجتماع لها، فالتقى رئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» النيابية محمد رعد الذي يمثل «حزب الله» في الحوار. وقال رعد: «أبدينا تجاوباً في العودة الى الحوار في الوقت الذي يدعو إليه الرئيس ولم يتم التطرق الى الشأن الحكومي على الإطلاق». وقالت مصادر رئاسية إن سليمان يحرص في مشاوراته على اتباع الأصول حتى لا يظهر أنه يجري مشاورات حكومية، ولا يتناول موضوع استقالة الحكومة، بل يشدد على مبدأ الحوار وعلى إمكان تقديم اجتماع هيئة الحوار وعلى الطلب من الفرقاء رأيهم في كيفية مواجهة المأزق السياسي الذي تعيشه البلاد بعد تداعيات اغتيال رئيس فرع المعلومات اللواء وسام الحسن وكيفية الخروج من الأزمة السياسية المتفاقمة بعد قرارات قوى 14 آذار. وأضافت المصادر أن الرئيس سليمان تناول الموضوع الحكومي مع رئيس كتلة «المستقبل» النيابية فؤاد السنيورة أول من أمس، لأن الأخير طرحه رافضاً أي حوار ما لم تستقل الحكومة، فسأله حينها عن البدائل. كما أن الطرف الفاعل في الأكثرية، أي «حزب الله»، لم يدلِ برأي يتعلق بالموضوع الحكومي معتبراً أنه غير معني بما تطرحه قوى 14 آذار ما يجعل المأزق يراوح مكانه. وبينما يواصل سليمان مشاوراته اليوم مع أركان الحوار، سعى سفراء الدول الكبرى الى توضيح مواقفهم فنفوا الانطباع الذي رسخ بأنهم مع بقاء حكومة ميقاتي، والذي أثار حفيظة قوى 14 آذار فحرصوا على التأكيد تارة أن ما يقصدونه بالاستمرارية هو المؤسسات وليس الحكومة بالذات، وتارة أخرى بأن تشكيل حكومة جديدة هو شأن داخلي مع تأكيدهم مجدداً القلق من أي فراغ. وإذ زارت السفيرة الأميركية مورا كونيللي الرئيس سليمان لهذا الغرض، وأكدت دعم بلادها له و «قادة آخرين في سعيهم الى جمع حكومة فعالة» وأبدت القلق من الفراغ، أبلغت رئيس الجمهورية وفق بيان المكتب الإعلامي الرئاسي قرار وزارة الدفاع الأميركية استئناف المساعدات العسكرية للجيش اللبناني وتزويده أسلحة نوعية وحديثة. وفي موازاة ذلك أكد السفير السعودي علي بن عواض عسيري أن بلاده يهمها استقرار لبنان وسيادته ووحدته. وقال بعد زيارته الرئيس سليمان لا تتدخل في الشأن السياسي الداخلي الذي يبقى من اختصاص اللبنانيين. ورفض عسيري بعد زيارته رئيس حزب «الكتائب» الرئيس السابق أمين الجميل التعليق على الشأن الحكومي. وكان الجميل التقى الديبلوماسي الأممي بلامبلي الذي استبدل بعبارة دعم الحكومة واستمرارية العمل الحكومي والمؤسسات في بيانه الذي كان تلاه الاثنين الماضي باسم سفراء الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن الاثنين الماضي، عبارة «أهمية الاستمرارية في المؤسسات الحكومية والدستورية»، أثناء عملية «التشاور» التي يجريها الرئيس سليمان «لأن لبنان يعيش مخاطر ومن المهم أن يكون هناك استقرار الى أقصى حد». واجتمع السفير البريطاني طوم فليتشر مع السنيورة ثم مع رئيس البرلمان نبيه بري الذي كان أكد في لقائه الأسبوعي مع النواب أن «مقاربة مسألة الحكومة أو غيرها لا يمكن أن تتم إلا من خلال الحوار وليس من طريق مقاطعته ومقاطعة التشريع» في إشارة الى قرار «14 آذار» عدم حضور الجلسات النيابية التي تحضرها الحكومة. ونفذت المنظمات الشبابية في قوى 14 آذار تظاهرة الى ساحة ساسين في منطقة الأشرفية، حيث وقع انفجار الجمعة الماضي الذي أدى الى استشهاد الحسن وتضامناً مع أهالي الأشرفية. ورفع هؤلاء شعارات تطالب باستقالة الحكومة واتهموها بتغطية الاغتيالات. ثم توجهت التظاهرة الى ساحة الشهداء وبعدها الى موقع الاعتصام الذي تقيمه قبالة السراي الحكومية.