انتهت المناظرات الانتخابية بين الرئيس الديموقراطي باراك أوباما وخصمه الجمهوري ميت رومني، واتجهت الحملتان إلى الولايات الحاسمة، والاهتمام بتنظيم المعركة على الأرض التي ستحسم خلال أسبوعين اسم الرئيس الأميركي المقبل. وعلى رغم التفوق الواضح لأوباما في المناظرة الأخيرة حول السياسة الخارجية وإرباكه خصمه بأدائه الهجومي، فإن ذلك لن يضمن ترجيح كفته في السباق الذي تهمين عليه القضايا الاقتصادية. وتحلى أوباما بثقة كبيرة، في مقابل تردد وارتباك واضحين من رومني، ما دفع بصحيفة «نيويورك تايمز» إلى مقارنة إجاباته بتلك التي تقدمها «المتنافسات في مسابقات ملكات الجمال اللواتي تنازعن للرد على الأسئلة». وأعطت الاستطلاعات الفوز لأوباما، وبفارق تخطى 20 نقطة في استطلاع شبكة «سي بي أس» و8 نقاط في استطلاع محطة «سي أن أن». وفيما هيمنت قضايا الشرق الأوسط على المناظرة، حاول رومني الانتقال إلى موقع الوسط بعدما تموضع في اليمين طيلة العام الماضي من أجل استمالة القاعدة الحزبية. وكرر أكثر من مرة: «اتفق مع الرئيس حول هذا الأمر»، وتبنى ضمناً سياسة الانسحاب من أفغانستان بحلول نهاية 2014 ومواصلة الغارات في باكستان لملاحقة قادة تنظيم «القاعدة»، بينما رفض كلا المرشحين الإجابة عن احتمال التعامل مع إسرائيل، إذا وجهت ضربة آحادية إلى طهران، وتمسكا باعتبار الخيار العسكري «ملاذاً أخيراً». لكن رومني الذي تصبب عرقاً خلال المناظرة التلفزيونية التي استغرقت ساعة ونصف الساعة، تميز عن أوباما في الملف السوري، إذ تعهد «العمل للتعرف إلى المعارضة السورية والتأكد من امتلاكها الأسلحة اللازمة»، منتقداً الأجندة الدفاعية لأوباما وعزمه على خفض موازنتها. ورد الرئيس الديموقراطي بإعلان أنه يطبق توصيات وزارة الدفاع (البنتاغون)، وأن حاجات الدفاع تغيرت «لأننا لا نحارب اليوم بأحصنة وحراب». بدوره، كرر رومني انتقاده لأوباما بأنه لم يكن صديقاً بما يكفي لإسرائيل، وانتقاده عدم زيارة أوباما الدولة العبرية منذ أن تولى السلطة العام 2009، وذلك «على رغم زيارته السعودية ومصر وتركيا، وظهوره على محطة تلفزيونية عربية». وبعدما بدا عليه الانزعاج، انتقد أوباما اصطحاب رومني جامعي تبرعات في رحلة صيفية إلى إسرائيل. وذكّر بأنه «زار في رحلة شخصية أجراها حين كان مرشحاً للرئاسة، مدينة سديروت التي تتعرض لهجمات صاروخية متكررة من قطاع غزة». وأعطت افتتاحيات الصحف الكبرى فوزاً لأوباما في المناظرة، لكن من دون معرفة تأثيره في السباق بسبب هيمنة الشؤون الاقتصادية وأرقام البطالة على أولويات الناخبين أكثر من أي ملف خارجي. وتعطي الاستطلاعات اليوم تقدماً لرومني على المستوى الوطني، وأفضلية لأوباما في الولايات الحاسمة، خصوصاً في أوهايو وويسكونسن وميشيغن، والتي سيكون الفوز بها ضرورياً لجمع أصوات ال 270 كلية انتخابية المطلوبة للفوز. وبانتهاء المناظرات الثلاث، انتقل تركيز الحملتين إلى المعركة في الولايات الحاسمة التي تسابق إليها المرشحان، وسيزور أوباما خمساً منها هذا الأسبوع. وهو انتقد في خطاب ألقاه في فلوريدا أمس، تقلب منافسه في المسائل الخارجية، وأعاد وصف حالته ب «الرومنيزيا» نسبة إلى فقدان الذاكرة، بسبب مواقفه المتضاربة والمتقلبة، علماً أن أوباما يبذل قصارى جهوده لوقف صعود رومني في الاستطلاعات الوطنية، واستعادة المبادرة خلال الأسابيع الأخيرة من السباق. إلى ذلك، صرح رجل الأعمال دونالد ترامب بأنه سيكشف اليوم «إعلاناً كبيراً قد يقلب السباق رأساً على عقب». وهو من مؤيدي رومني، وقاد الجدل حول مكان ولادة أوباما عبر زعمه أن المرشح لم يولد على الأراضي الأميركية، ما دفع الرئيس إلى إبراز وثيقة ولادته في ولاية هاواي. وقد يلعب أي حدث أو إعلان في هذه المرحلة الدقيقة دوراً في ترجيح كفة مرشح على آخر، كما ستؤثر الانتخابات المبكرة التي انطلقت في فلوريدا وكولورادو وأيوا على نتائج التصويت في 6 تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل.