اعلنت اطراف المعارضة المسلحة في سورية امس الاتفاق على تشكيل قيادة مشتركة للاشراف على المعركة التي تخوضها لاطاحة الرئيس بشار الاسد، بعدما تعرضت لضغط متزايد من مؤيديها الغربيين لتوحيد صفوفها. واكد مصدران في المعارضة السورية هذا الاتفاق الذي تم التوصل اليه في اجتماع عقد داخل سورية الاحد الماضي. من جهة اخرى، كشف رئيس «المجلس الوطني السوري» عبد الباسط سيدا أن المجلس سيجتمع في الدوحة في الرابع من الشهر المقبل و»أن مشروع الهيكلة انتهى». وقال ل «الحياة» ان اجتماع الامانة العامة للمجلس الذي عقد في الدوحة أمس وأول من أمس بحث في عقد اجتماع قريب لقوى المعارضة الأساسية في سبيل تكوين «هيئة نسميها سلطة أو نسميها ادارة أو حكومة» لتولي مهمات المرحلة المقبلة. واعلن رفضه اقتراح ايران فترة انتقالية برئاسة بشار الاسد، وأكد ان «هذا الاقتراح مرفوض جملة وتفصيلا من قبل الشعب السوري، وهي محاولة في سبيل تضليل الرأي العام العالمي، وللايحاء بأن هناك مبادرة في حين أن كل الجهود تنصب في سبيل اعطاء فرصة للاسد للاستمرار». واضاف سيدا «نحن قابلنا (الموفد الدولي العربي) الأخضر الابراهيمي وقلنا له إن الحديث عن أي حكومة وحدة وطنية بوجود مجموعة بشار الأسد هو أمر لا معنى له... هي العقبة الكأداء أمام التحول الديموقراطي الذي ضحى الشعب السوري في سبيله كثيرا». وعن مشاركة قيادات أخرى تعمل في مجالات عدة في سورية في المرحلة الانتقالية، قال سيدا «لا مشاركة لمجموعة الاسد، مجموعة القرار، أما الجسم الآخر للدولة في الحكومة وحتى في حزب البعث فان كل من لم يشارك في قتل السوريين ومن لم يصدر الأوامر بقتل السوريين فسيكون لهم موقع يتناسب مع امكاناتهم، وبعد توقف الحرب». ولاحظ سيدا ان ما نقل عن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، ومفاده بأن الأسد «لن يرحل»، يتناقض مع ما صرح به الروس أكثر من مرة، «ولافروف نفسه اعترف في لقائنا معه في موسكو أخيرا أنهم غير متمسكين بالأسد، وأنهم يقفون الى جانب الشعب السوري»، داعيا روسيا الى «تغيير موقفها لمصلحة الشعب الروسي أولا، ولمصلحة الشعب السوري، ونحن نريد أفضل العلاقات مع روسيا». وفي اطار الجولة التي يقوم بها الابراهيمي على المنطقة ينتظر ان يزور بيروت بعد ظهر اليوم لساعات قليلة يلتقي خلالها رؤساء الجمهورية ميشال سليمان والبرلمان نبيه بري والحكومة نجيب ميقاتي لبحث تداعيات الأزمة السورية في لبنان لينتقل مساء اليوم نفسه الى دمشق. وكانت قيادات المعارضة المسلحة اتفقت في الاجتماع الذي عقدته الاحد على تشكيل قيادة عسكرية مشتركة واتخذ القرار عشرات عناصر المعارضة ومنهم قادة «الجيش السوري الحر». ويهدف الاتفاق كما ذكرت مصادر المعارضة الى «تحسين التنسيق العسكري بين المقاتلين وخلق قيادة واحدة يأملون ان تكون القوى الخارجية مستعدة لتزويدها أسلحة أقوى». وقال مصدر في المعارضة: «تم التوصل للاتفاق ويحتاجون فقط لتوقيعه الان». واضاف ان مؤيدي المعارضة في الغرب «يقولون لنا: نظموا انفسكم واتحدوا... نريد فريقا واضحا ذا مصداقية لنزوده أسلحة نوعية». وتضم القيادة المشتركة قائد «الجيش الحر» العقيد رياض الاسعد والعميد مصطفى الشيخ واللواء محمد الحاج علي بالاضافة الى قادة المجالس العسكرية في المناطق. ويتوقع ان تضم القيادة المشتركة 60 عضواً سيمثلون كل القوى التي تقاتل على الارض، بما فيها «جبهة تحرير سورية» ذات التوجه الاسلامي. وذكرت مصادر المعارضة ان الضغوط ازدادت في الفترة الاخيرة على قادتهم لتوحيد صفوفهم، في ظل مخاوف من امتداد الازمة السورية الى البلدان المجاورة. وقال مصدر معارض انه لن تكون هناك وحدة بين فصائل المعارضة الا اذا اتفقت الدول التي تدعم الثورة في ما بينها، لأن كل مجموعة معارضة تتلقى الدعم من احدى الدول، والآن صارت هذه الدول قلقة لأن الازمة السورية صارت اكبر مما كانوا يتوقعون ويمكن ان تصبح خارج السيطرة. على الصعيد الميداني، تعرضت امس قرى وبلدات في ريف معرة النعمان لقصف بالطيران هو الاعنف منذ سيطر المقاتلون المعارضون على هذه المدينة الاستراتيجية الاسبوع الماضي. فيما اعلنت دمشق استعدادها للبحث في وقف اطلاق النار الذي دعا اليه الابراهيمي لمناسبة عيد الاضحى. وقال الناطق باسم الخارجية السورية جهاد مقدسي ان «الجانب السوري مستعد للبحث في هذا الطرح ونتطلع الى لقاء السيد الابراهيمي لنرى ما هو موقف الدول النافذة الاخرى التي اجرى محادثات فيها خلال جولته... هل ستمارس هذه الدول الضغط على المجموعات المسلحة التي تستضيفها وتمولها وتسلحها لكي تلتزم بوقف اطلاق النار هذا؟». في غضون ذلك حصدت اعمال العنف في مناطق مختلفة من سورية حتى مساء امس 80 قتيلا على الاقل، منهم تسعة اشخاص في قصف على منازل سكنية في محافظة دير الزور. وذكر المرصد السوري لحقوق الانسان ان قرى وبلدات حيش ومعرشمشة ومعرشمارين وتلمنس والدير الغربي وبسيدة في ريف معرة النعمان تعرضت للقصف من طائرات حربية. وفي ريف ادلب، تعرضت بلدة كفرنبل للقصف. كما تعرض للقصف حيا الشعار والعامرية في حلب. وفي ريف العاصمة، تجدد القصف على مدن وبلدات الغوطة الشرقية والهامة رافقته اشتباكات عنيفة بين قوات النظام ومقاتلي المعارضة. وفي مدينة حمص، تعرض حي الخالدية للقصف ودارت اشتباكات في محيطه. وقال رامي عبد الرحمن مدير المرصد السوري لوكالة «فرانس برس» ان الجثث التي عثر عليها الاحد في مشرحة مستشفى في جنوب غرب دمشق «عددها 28 وتعود غالبيتها الى جنود نظاميين، والبقية لمقاتلين معارضين» قتلوا «في اشتباكات في محيط العاصمة خلال الاسابيع الماضية».