ستعاني الدراما السورية طويلاً. لن يكون سهلاً أن تتجاوز هذا القطوع الذي تمليه عليها الحالة المتأججة التي تمر فيها سورية. بل ربما تتولد هنا اشارات عن بدء «تفسخ « هذه الدراما، وانفراط عقدها تدريجياً. وحتى وإن جاءت الكلمة قاسية، وفي غير محلها، فإن ما ينتظرها سيكون أكثر قسوة، لأن ما ستفتقده في الواقع هو الترحيب و «التسامح» الذي أسست له أحياناً، والانفتاح الذي تميزت به على النقد والجمهور معاً. ولن يكون صعباً الكشف عن مسببات هذه المعاناة التي تتحول إلى «دراما منفردة» تكاد تعصف بثمار عقدين من الزمن تكللا بالشقاء والعذاب والنجاح والتعب. فالحالة التي ستكون عليها هذه الدراما بعد الخروج من النفق الذي تعبره حالياً، بالتأكيد لن تكون كما في السابق. فقد عصفت برموزها مكونات الحالة السورية نفسها، وتشتتت هذه الرموز في أمكنة عربية كثيرة، قد لا تبدي تسامحاً معها. والمقدمات لا تشي بذلك، وهذا يدعو للأسف بطبيعة الحال. فالدراما السورية بنجومها ورموزها هي جزء مهم وأساسي من مكونات الدراما العربية، لا يمكن الحديث عنها من دونها. ستعاني الدراما السورية كثيراً، وهذا أمر أصبح من بدهيات اللحظة، وليس الاشكال الذي وقع فيه أخيراً سيف سبيعي في مواجهة «أهل الدراما اللبنانية» كما رأى صحافي لبناني، إلا بداية هذه الطريق. حيث قال الصحافي ان «المخرج السوري بقوله ان الدراما اللبنانية تشبه كل شيء إلا أن تكون لبنانية محلية، يضع نفسه من حيث لا يدري في مواجهة رموزها وصناعها مجتمعين، بخاصة أنه يقصد لبنان الآن ليعتاش على حسابه». «تحامل» هذا الصحافي على المخرج سبيعي قد لا يكشف فقط عن «عنصرية « مبيتة لا مبرر لها، وبخاصة أن الدراما السورية ضمت في أعمال مميزة لها نجوماً لبنانيين على مدى السنوات الماضية. ولكنه يكشف عن ضعف بدأ يتسلل إلى مفاصل الدراما السورية حين قررت أن تتخلى - بحكم الأزمة القائمة - عن مواقعها الاثيرة والمتقدمة. هذه ليست دعوة للتقوقع بالتأكيد، فإحدى علامات نجاح الدراما السورية انفتاحها على محيطها. ومن المؤكد أن الصحافي المعني ليس ناطقاً رسمياً باسم أهل الدراما اللبنانية حتى يقوم بتجييشهم ضد سبيعي وغيره. برامج تلفزيونية لبنانية كثيرة احتفت وما زالت بنجوم ونجمات الدراما السورية، وبعضها توصل إلى علامة مضيئة على هذه الطريق حين اكتشف أن الممثلين والممثلات اللبنانيين نجحوا في الدراما السورية بأكثر من نجاحاتهم في الدراما المحلية التي ينتمون إليها. الحصرم الشامي سيكون حامض المذاق في المرحلة المقبلة. لا نعرف هل سيف سبيعي، كان يدرك ذلك حين أطلق «تصريحاته العشوائية» بحق الدراما اللبنانية من دون أن يكون منصفاً في بعضها.