شهدت المواسم الخمسة الماضية حضوراً لافتاً للدراميين السوريين من مخرجين وممثلين في الدراما المصرية والخليجية وبدرجة أقل في الدراما اللبنانية، وذلك بحثاً عن المال والشهرة، وكان هذا الحضور اختيارياً وفيه الكثير من الشروط والمتطلبات. لكن الموسم المقبل يشهد معادلة مختلفة بعيداً من الشروط والمتطلبات، فالأزمة التي تعانيها الدراما السورية في الوقت الحالي وتقلص عدد الأعمال المنتجة للموسم المقبل، واقتصارها على أعمال القطاع العام («أنت هنا»، «المفتاح»، «المصابيح الزرق»)، إضافة إلى عملين فقط من إنتاج القطاع الخاص («الانفجار»، «بنات العيلة»)، في مقابل 30 عملاً في الموسم الماضي، ثلاثة منها فقط من إنتاج القطاع العام والبقية من إنتاج خاص، وذلك نتيجة للأحداث الداخلية التي تشهدها سورية، إضافة إلى العقوبات الاقتصادية العربية المتوقعة والتي قد تشمل صناعة الدراما، دفع عدداً كبيراً من النجوم للبحث عن فرص عمل خارج سورية. وهذه المرة ليس اختيارياً أو بحثاً عن المال والشهرة، بمقدار ما هو بحث عن لقمة العيش قي المقام الأول، وسعياً للبقاء على الساحة الدرامية العربية في المقام الثاني، على رغم أن معظمهم أكّد أكثر من مرة أن الأزمة الحالية هي مجرد غيمة عابرة ستزول في شكل تلقائي وستعود الدراما السورية إلى سابق عهدها، بل ذهب آخرون للقول إن الأزمة ستدفع الدراما السورية بخطوات كبيرة إلى الأمام. وفي المقابل يرى المتابعون والنقاد أن الوضع الحالي للدراما السورية ينبئ بأزمة كبيرة قد تمتد إلى سنوات مقبلة، بخاصة أنها تعاني منذ سنوات من مشاكل كبيرة في التسويق والبيع، كما بدأت تفقد رصيدها على الساحة العربية، بخاصة بعد تألق الدراما الخليجية، وعودة الدراما المصرية إلى الواجهة، وبروز أقطاب درامية جديدة مثل الدراما اللبنانية والأردنية وحتى المغاربية. ومع الركود الذي تشهده شركات الإنتاج السورية، يؤكد هؤلاء أن النفق المظلم الذي تدخله الدراما السورية قد يصعب الخروج منه بسهولة. انتشار السوريين في العالم العربي بدا واضحاً في الأشهر الأخيرة، وبخاصة في مصر، فلا يمر يوم دون إعلان خبر انضمام أحد الممثلين إلى طاقم أحد الأعمال، أو الاتفاق مع أحد المخرجين على إدارة مسلسل أو فيلم، والأمثلة كثيرة يبقى أبرزها وجود النجم جمال سليمان في مسلسلين متوقعين في مصر للعام المقبل، أبرزهما «سيدنا السيد» الذي تزمع شركة «العدل غروب» على إنتاجه. كما أن سفر سلافة معمار لمشاركة النجم المصري يحي الفخراني في مسلسله الجديد يعد من العلامات الفارقة في هذه القضية، إضافة الى مشاركة عدد من الممثلين في مسلسل عادل إمام الجديد، وغيرها من المشاركات السورية في الدراما المصرية. واللافت في هذه الهجرة الكبيرة الحاصلة، هو التوجه إلى لبنان في تغيير استراتيجي بخاصة بعدما كانت قبلة نجوم سورية الأولى مصر، حيث يشارك عدد من المخرجين والممثلين في الدراما اللبنانية، ويستعد بعضهم الآخر لأعمال أخرى قد ترى النور قريباً. مشاركة السوريين في الدراما اللبنانية ليست جديدة، فالموسم الماضي شهد مشاركة المخرج هشام شربتجي والممثل مصطفى الخاني إضافة إلى عدد آخر من السوريين في مسلسل «آخر خبر» اللبناني، لكن الموسم المقبل سيشهد عدداً كبيراً من الأعمال، وتأكد منها أربعة حتى الآن، فيما تبقى المشاريع الأخرى قيد الدراسة، ويواصل المخرج رامي حنا تصوير مسلسل «روبي» للكاتبة اللبنانية كلوديا مارشيليان في بيروت، وهو عمل طويل يصل عدد حلقاته إلى 90، ينتج لبنانياً بإدارة شركة «سامة» السورية لمصلحة قناة «إم بي سي»، ويجسد بطولته إلى جانب عدد من النجوم اللبنانيين، النجم السوري مكسيم خليل. ومن المتوقع أن يبدأ المخرج السوري سيف سبيعي مطلع العام بتصوير مسلسل «ولاد كبار» لمارشيليان أيضاً، على أن تكون البطولة في العمل سورية - لبنانية مشتركة، ويتم تصويره في مدن لبنانية، مع العلم أنه يتناول عالم المراهقين من خلال موضوعات «خطيرة وجريئة». كما تتردد أنباء عن اتفاق المخرج السوري الليث حجو مع الكاتبة نفسها لتقديم عمل اجتماعي لبناني - سوري للموسم المقبل، والأمر ينطبق على المخرج السوري تامر اسحق الذي كشف قبل أيام عن اقتراب الاتفاق مع إحدى الشركات اللبنانية لإخراج مسلسل اجتماعي أيضاً لم يفصح عن تفاصيله أو مؤلفه حتى الآن. وبهذا تكون الدراما اللبنانية التي عانت في السنوات الماضية من انخفاض سوية الإنتاج الدرامي كماً ونوعاً، أكثر المستفيدين من الأزمة الحالية للدراما السورية. ويرى المراقبون أن هذه الخطوة ستكلل بالنجاح بخاصة أن الفضاء اللبناني المتمثل في عدد كبير من القنوات قادر على استيعاب الأعمال الجديدة، وتسويقها في شكل سهل، ومن دون الصعوبات التي واجهتها الدراما السورية في السنوات الماضية على هذا الصعيد.