بصرف النظر عن البطء الحاصل في تنفيذ مشروع التحوّل صوب الطاقات البديلة في ألمانيا، ثمة دور بارز يؤدّيه التعاون المعرفي والتكنولوجي والعملي بين المغرب والاتحاد الأوروبي، خصوصاً ألمانيا. بدأ هذا التعاون منذ بضع سنوات في إطار مشروع «ديزرتيك» لتوريد الطاقة الشمسية إلى أوروبا، ضمن إطار استغلال الشمس والرياح المتوافرة بكثرة في الدول المغاربية. وحصل أن دولة المغرب المستقرة سياسياً إلى حدّ ما، التقطت أسرع من تونس ومصر وليبيا الفرصة السانحة لدخول ميدان تأمين الطاقة الخضراء النظيفة لها، وبأضعاف أضعاف ما ستحتاج إليه البلاد. وفي حال نجاحه المأمول، يفترض أن يشكل هذا التطور مورداً مالياً مهماً للدولة المغربية، ويؤمن فرص عمل جديدة للأجيال القادمة، ويخفّف من مساوئ التلوث وتشويه الطبيعة. والمغرب حالياً الدولة الوحيدة في العالم العربي التي وضعت كل ثقلها لامتلاك تكنولوجيا الطاقات المُتجدّدة والاعتماد عليها لتأمين حاجتها من الطاقة وتصدير ما يفيض منها. وتُعتبر ألمانيا حالياً إحدى أهم الدول الشريكة للمغرب في هذا الإطار، بعد توقيع البلدين اتفاقيات مشتركة عدّة، ما يؤمن إضافة نوعية مهمة لموارد هذا البلد الطبيعية. وخلال زيارته الأخيرة لبرلين مطلع شهر تموز (يوليو) الماضي، وقّع وزير الطاقة والمعادن والمياه والبيئة المغربي فؤاد الدويري مع نظيره الألماني وزير الاقتصاد والتكنولوجيا روسلر، مذكرة تفاهم عن شراكة بين البلدين في مجال الطاقة المُتجدّدة وسبل تنميتها، إضافة إلى توسيع شبكة الكهرباء ورفع كفاءة البحوث في مجال الطاقة. وأكّد الوزير الألماني أن حكومته ترحّب بهذه الشراكة مع الدولة المغربية التي اعتبرها بلداً مناسباً لإنتاج الطاقة الشمسية وتصديرها إلى أوروبا. وبعد أن وصف المغرب بأنه الشريك المثالي لألمانيا، أكّد روسلر حرص برلين على استفادة المغرب من الخدمات التقنية والتكنولوجية التي تقدمها الشركات الألمانية في مجال الطاقات النظيفة. وأوضح أن لجنة مشتركة رفيعة تشرف على الاتفاقية عبر اجتماعات دورية تعقدها ثلاث مجموعات عمل هي: الطاقات المُتجدّدة، مواكبة تنفيذ مشروع «ديزرتيك»، والتعاون والتطوير. وكذلك رأى الوزير الألماني أن الاتفاقية تساهم بشكل فعّال في تعزيز التعاون الألماني-المغربي في المجالين الاقتصادي والعلمي، وتفتح باب الاستثمارات الألمانية في المغرب. وبَيَّن أيضاً أن الاتفاقية تساعد على تحسين التفتيش عن مصادر المياه، والتعجيل في خطط الاتحاد الأوروبي لمدّ شبكات نقل الطاقة المستمدة من الشمس والرياح، من شمال أفريقيا إلى أوروبا.