نفى المصرف المركزي العراقي أمس نبأ هروب محافظه سنان الشبيبي على خلفية تهم فساد وجهت إليه من قبل لجنة تحقيق خاصة شكلت أخيراً للبحث في «شبهات التلاعب في سوق العملات الصعبة»، فيما طالبت اللجنة الاقتصادية البرلمانية بعرض تقرير تقصي الحقائق حول عمليات التلاعب المالي على جلسة البرلمان اليوم. وكان «ائتلاف دولة القانون» الذي يتزعمه رئيس الوزراء نوري المالكي اعلن في آب (أغسطس) الماضي تشكيل لجنة تحقيق خاصة بالمصرف المركزي مهمتها الاطلاع على السجلات والأرقام والمبيعات والأشخاص الذين يحصلون على العملات الصعبة، وهي لجنة مختلفة عن لجنة تقصي الحقائق التي شكلها البرلمان سابقاً. وأكد مصدر من داخل مكتب محافظ المصرف المركزي ل «الحياة» أن «عمليات التحقيق لم تبدأ حتى اليوم، وكل ما في الأمر أن ثلاثة أشخاص من الأمانة العامة لمجلس الوزراء قدموا إلى البنك الأربعاء الماضي لمقابلة المحافظ والحديث معه، وعندما علموا انه خارج البلاد طلبوا حضوره إلى الأمانة بعد عودته مباشرة لكي يوجهوا إليه بعض الأسئلة». وبين المصدر الذي فضل عدم ذكر اسمه أن «دوائر المصرف المركزي العراقي لم تعد في مكان واحد كما في السابق، فالإدارة والخزينة بقيت في المقر القديم (شارع النهر)، ودائرة غسيل الأموال انتقلت إلى منطقة الكرادة، أما المحافظة والحوالات فأصبحت في منطقة الجادرية»، مشيراً إلى أن «على لجنة التحقيق الحصول على موافقات خاصة من المحافظ للتفتيش في هذه الدوائر الثلاث». ونفى المصدر بشدة أن يكون الشبيبي غادر البلاد بسبب صدور أمر بإلقاء القبض عليه، وقال إن «عمليات التفتيش لم تبدأ بعد، لأن الشبيبي يشارك حالياً في مؤتمر سنوي يعقد في العاصمة اليابانية طوكيو وسيعود إلى بغداد الاثنين». وكان الشبيبي هدد قبل أيام برفع قضايا أمام المحاكم المختصة ضد كل الجهات التي تشن حملة تشويه إعلامية على المصرف المركزي. وطالبت لجنة الاقتصاد في البرلمان بعرض تقرير لجنة تقصي الحقائق، وقال عضو اللجنة عزيز المياحي في بيان «لدينا ملفات تثبت تورط عدد من الشخصيات السياسية من داخل المصرف المركزي وخارجه، في صفقات فساد مشبوهة»، مبيناً أن «اتهامنا للبنك لم يأت من فراغ ولا توجد أي عداوة شخصية مع شخصياته أو محافظه». وطالب المياحي رئاسة البرلمان «بعرض تقرير لجنة تقصي الحقائق بخصوص ملفات الفساد في المصرف في جلسة البرلمان الاثنين»، معتبراً أن «الهدف من عرض التقرير معرفة من المستفيد من إخفاء صفقات مزادات شراء العملات التي كانت سبباً في تدهور القطاع المالي». إلى ذلك، استنكر «ائتلاف العراقية» استهداف المصرف المركزي العراقي ومحاولات بعض القوى السياسية النيل من استقلالية المصرف التي كفلها دستور العراق والقوانين العراقية والدولية. وقالت ميسون الدملوجي الناطقة باسم «العراقية» في بيان امس إن «استقلالية البنك المركزي ضرورية للحفاظ على سعر صرف الدينار وحماية العملة ومنع التضخم، ولا سيما أن العراق مر بتجربة مريرة في تسعينات القرن الماضي عندما انهارت العملة بين ليلة وضحاها بسبب السياسات الهوجاء للنظام السابق». وحملت الدملوجي الحكومة «مسؤولية التحقيق في عمليات غسيل الأموال والكشف عن المستفيد منها أمام الرأي العام، والإعلان عن الجهة التي تقوم بشراء الدولار وسحبه من أسواق العراق المالية». وشددت على «ضرورة معاقبة كل المفسدين سواء في البنك المركزي أو أي مؤسسة أو وزارة، من دون المساس بسمعة البنك المركزي العراقي أو محافظه المعروف على المستوى الدولي بمواقفه الوطنية الشجاعة وبكفاءته ونزاهته». وكان البنك المركزي العراقي أعلن في آب (أغسطس) الماضي، ارتفاع احتياطيه من العملات الصعبة إلى 67 بليون دولار، مؤكداً أن هذا الاحتياطي هو الأكبر في تاريخ العراق، وأنه «إحدى السياسات النقدية لخفض التضخم». وسبق لرئيس الوزراء أن طالب بإخضاع المصرف المركزي إلى سلطة الحكومة، إلا أن الطلب قوبل برفض البرلمان ومحافظ المصرف.