قدم مسرح «بيلفيل» الباريسي على مدى ثمانية أيام، مسرحية «شيك بوينت» (نقطة مراقبة) من تأليف الفرنسي جاك موندولوني وإخراج روبير فالبون، قبل نقلها خلال الشتاء المقبل إلى قاعة أكبر ثم إلى مسارح في الريف الفرنسي وبلجيكا سويسرا. وتدور أحداث الحبكة في مدينة أريحا، عند أحد الحواجز الأمنية تحديداً، حيث تمرّ شابة فرنسية متزوجة من فلسطيني لتلحق بهذا الأخير وتستقر معه في فلسطين. المؤلف موندولوني، الذي صرّح بأنه زار بالفعل الأراضي المحتلة لجمع الملاحظات والمقارنة بين الواقع والتصريحات السياسية التي يرددها الإعلام هنا وهناك، سعى إلى نقل صورة صادقة عما يعيشه الناس من خلال نموذج زوجة فرنسية لا ترغب في شيء سوى الإقامة إلى جوار شريك حياتها الموجود في أريحا. والسؤال المطروح في المسرحية: «هل أخطأت هذه المرأة في شيء؟ وهل أخطأ زوجها الذي يريدها إلى جواره؟». المفترض أن الإجابة المنطقية تتلخص في كلمة واحدة: «لا». فلماذا إذاً تظل الزوجة حبيسة الحواجز في انتظار تصريح العبور الذي لا يأتي. وذلك في حين ينتظرها زوجها على الجانب الآخر من دون أن تصل إليه أخبار عمّا يجري على مسافة أمتار قليلة تبدو كأنها آلاف الكيلومترات. وأخرج روبير فالبون المسرحية بذكاء وحس مرهف، وتخيّل الديكور في شكل مربعين تفصل بينهما قضبان، ويتواجد كل من الممثلَين في أحد المربعين على جانبي القضبان. وبالتالي تبدو كل شخصية كأنها في زنزانة، بينما يظهر برج في أحد أطراف الخشبة، في أعلاه جندي مستعد لإطلاق النار على كل ما يتحرك. ويكفي الديكور هذا لكتم أنفاس المتفرج ومنحه الانطباع بأنه بدوره وراء القضبان. ثم يأتي أداء الممثلَين ماري عزوز في دور الزوجة، ووفيق سعداوي في شخصية الزوج، ليكمل ما بدأه عنصر الديكور فيجذب المشاهد طوال ساعة وربع الساعة. واستحقّ سعداوي وعزوز، إلى جانب جانسيريك مانغرو الذي أدى الجندي المسلح أعلى البرج، تقدير الحضور وتصفيقاً طويلاً في ختام كل سهرة، إضافة إلى المراجعات الإيجابية التي حصدتها المسرحية في الإعلام الفرنسي. ولا شك في أن نجاح مسرحية «نقطة مراقبة» هو ما دفع بمسرح باريسي أكبر إلى توقيع عقد لتقديم العرض خلال الأشهر القليلة المقبلة.