لحظة هاربة جمعت الفوتوغرافي الروماني تيودور بانتييه والمصري أيمن لطفي، اقتنصاها بكاميرتيهما في معرض في مركز الفنون - مكتبة الإسكندرية عنوانه «عرض من فنون الفوتوغرافيا». شكَّل الزمن نقطة التقاء بين الفنانين، فإما أن يطل وتنقرض الأشياء في أعمال بانتييه، أو تتبدل الشخصيات والأقنعة زمنياً بحثاً عن الأثر الضائع في تعابير الأشخاص في أعمال لطفي. تدور أعمال تيودور بانتييه حول تجربته الزمنية مع قطارات تنقرض أجزاؤها أو تتبدل ألوانها أو تتآكل حوافها، فتتحول الكتل الواقعية المجردة كتلاً تشكيلية تصارع الضوء أو تهادنه أو توازنه بدرجات لونية صريحة أحياناً، ومتجانسة في أحيان أخرى. ويدعو بانتييه زوار المعرض إلى مشاهدة لقطات هاربة اقتنصها تشكيلياً، لأشكال القطارات القديمة المهيبة التي بهرته ضخامتها في طفولته وصوّرها بعد سنوات، قبل أن تباع كقطع خردة بدلاً من وضعها في متحف كما كان يتمنى. يقول: «بهجتي الكبرى أن أصوّر ما في القلب والذهن والروح، ولا يهمني أن يكون موضوع الصورة وافر الإيحاء من حيث الشكل أو التكوين أو الثقافة أو الموقع، على أن أتدبر له موقعاً فريداً في الفيلم الخام». وقدَّم أيمن لطفي عدداً كبيراً من لوحات البورتريه التي جمعت بين «فن الجسد» (Body Art) والفوتوغرافيا، وعولجت رقمياً ببرامج الغرافيك. ونجح في اقتناص اللحظات الهاربة من ملامح شخصياته، إذ تشترك الفوتوغرافيا مع لوحة التصوير في إيجاد عناصر ومفردات وإضاءة. كما يستخدم الفنانان الضوء درامياً، بإيقاع هادئ تارة وصاخب طوراً، ما يجبر عين المتلقي على إكمال دراما الصورة من خياله. يقول لطفي: «الصورة العادية لم تعد تشبع أفكاري، لذلك اتجهت إلى الفوتوغرافيا التشكيلية، وهي فرع لم يكن منتشراً كثيراً في العالم العربي، فتجرأت ودخلته، واسمه في الواقع الفوتوغرافيا التجريدية. وعندما تكون لديّ فكرة أريد التعبير عنها أبدأ بتكوين صورة تخيّلية لهذا الموضوع، مثل الفنان التشكيلي الذي يريد أن يعبر عن موضوع ما فيستخدم فرشاته ليرسم لوحة، والتقنية الحديثة التي استخدمتها تتمثل في جعل العدسة تحل محل الفرشاة، فعدسة الكاميرا ترى من الخارج فقط، لكنها لا تستطيع رصد المشاعر والأحاسيس الداخلية، لذا لجأت إلى التلوين بدرجات مختلفة، على وجوه وأقنعة، لبلوغ هدفي ومعنى الإضاءة التي تكمل دراما الصورة». يذكر أن تيودور رادو بانتييه فوتوغرافي روماني له الكثير من الأعمال المعروضة في متاحف العالم، كالولايات المتحدة والمجر وألمانيا واليونان وبولونيا والمكسيك والهند، وحصد الكثير من الميداليات والجوائز. أما أيمن لطفي، فهو فوتوغرافي محترف، نال جوائز في إيطاليا وأميركا والنمسا والصين ممثلاً مصر في محافل فنية دولية، وهو حاصل على درجة الزمالة من الجمعية البريطانية للتصوير الفوتوغرافي، ويشغل منصب المدير الإقليمي للجمعية الأميركية للتصوير الفوتوغرافي.