بدأ الإيرانيون بالخروج إلى الشوارع لمطالبة حكومتهم بالتوقف عن دعم سورية والاهتمام بالداخل الإيراني، الذي يعاني من التضخم وارتفاع أسعار السلع، فقد جاء في موقع «يورونيوز» أن طهران شهدت صدامات بين محتجين ورجال شرطة على خلفية أزمة العملة الإيرانية التي لا تزال تسجل انخفاضاً خطراً بعد أن خسرت أكثر من نصف القيمة منذ بداية الأسبوع الماضي، واندلعت أعنف الاشتباكات في حي الفردوسي التجاري، الذي تنتشر فيه الكثير من محال تبديل العملات والمحال التجارية المختلفة. يقول الخبر إن الشرطة، التي كانت ترتدي الملابس المدنية، اعتقلت العشرات من المحتجين الذين لم يعرف مصيرهم بعد، كما شهد ما يعرف بالبازار التاريخي وسط طهران مظاهرات احتجاجية مماثلة قوبلت بقمع قوات الأمن التي تحاول بأمر من السلطات الحد من هذه الاحتجاجات كي لا تمتد إلى مدن إيرانية أخرى. سنسمع المزيد من هذه الاحتجاجات في المقبل من الأيام، فقد نقلت وكالة «فارس» عن الجنرال إسماعيل أحمدي مقدم، قائد الشرطة الوطنية قوله إن وحدة خاصة مؤلفة من قادة الشرطة ومسؤولين اقتصاديين من الحكومة قد تشكلت «لمواجهة من يشيعون الاضطراب في سوق العملة»، وأضاف أن «تقييم البنك المركزي يفيد بأن الناس يحتفظون بكمية كبيرة من العملة والذهب في منازلهم، ما ينعكس سلباً على الاقتصاد»، وتابع «مع الأسف يظن البعض أن رأسمالهم سينهار بسبب انهيار العملة، ويهرعون إلى أسواق العملة والذهب، الأمر الذي يتسبب في ارتفاع الأسعار»، ويبدو أن حملة القمع هي محاولة من السلطات لوقف الانحدار الكبير في قيمة الريال الإيراني هذا الأسبوع. ماذا يقول الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد؟ يقول «إن العقوبات الغربية هي المسؤولة عن تدهور العملة»، في الوقت الذي يقول منافسوه إن سوء إدارته للاقتصاد هي السبب الرئيس في ذلك. الواقع أن الحكومة الإيرانية غير قادرة على إحداث النمو المنشود في إيران... النجاح في عمل كهذا يتطلب أن تكون الدولة في سلام مع العالم وتصالح تام مع شعبها ومؤسساتها... للوصول إلى تطلعات الشعب الإيراني يتوجب أن تقلل إيران من عدد العاطلين عن العمل، الذين ارتفع عددهم ليتجاوز عشرة ملايين عاطل، وحتى تنجح إيران في ذلك، ومن بين الكثير من العوامل الأخرى، يجب أن تتحول إلى قبلة السياحة العالمية، ويصبح مطار طهران مركزاً عالمياً يربط الشرق بالغرب، لا يكفي إيران أنها دولة نفطية، لا يكفي النفط أي دولة نفطية يزيد عدد سكانها على 20 مليوناً لتحقق النمو الذي يتطلع إليه هذا العدد من الناس، النمو المنشود في إيران أو في غيرها لا يمكن أن يتحقق مع العزلة والانكفاء والأيديولوجيا والانغلاق الاجتماعي. إضافة إلى كل هذه المصائب تقف إيران مع سورية في موقف لا يشبهه إلا موقف من يوشك على الانتحار، إضافة إلى التضخم وتدهور العملة، فقد انفقت إيران في دعمها لسورية ما يقرب من عشرة بلايين دولار حتى الآن، وقد أدى إخراج مثل هذا المال إلى انشقاقات كبيرة هناك، فقد ذكرت «الشرق الأوسط» أن المرشد علي خامنئي أصبح لا يخفي غضبه على رئيس الاستخبارات الإيرانية لأنه فشل مع الأسد في قمع الثوار في سورية، وأصبح الدعم مرهقاً ومكلفاً لإيران. إنها دراما تحدث أمامنا، وهي من النوع الرديء الكريه المتكرر تاريخياً في كل مكان، وهذه الدراما يعرف نهايتها أي مشاهد يتابعها، سيخرج شعب إيران اليوم أو غداً أو بعد غد ليُسقط حكم الأيديولوجيا الذي أطبق عليه لثلاثة عقود مظلمة، تسببت في هجرة ملايين الإيرانيين المبدعين إلى الخارج، ووضعت هذا البلد العظيم في مقدراته من بين الدول الأكثر في عدد الفقراء... أسوأ مقاطع هذا الفيلم الممل بالطبع هو سفك الدماء البريئة على الأرض السورية، واعتقال الإيرانيين الذين يخرجون للتعبير عن نقمتهم ويأسهم في مستقبل بلادهم. * كاتب سعودي. [email protected]