اتخذت أزمة التراجع القياسي لسعر صرف الريال الإيراني منحى خطراً أمس، إذ اصطدمت الشرطة في طهران بصرّافين ومحتجين ندّدوا بالرئيس محمود أحمدي نجاد، كما هددت تجاراً في البازار التاريخي أغلقوا محالهم. وأفاد موقع «كلمة» المؤيد للإصلاحيين، بحصول احتجاجات في محيط البازار، قبل اتساعها إلى جادة الإمام الخميني وحي فردوسي. وأشار الموقع إلى أن المحتجين هتفوا بشعارات، بينها «محمود الخائن، سبّبتَ انهيار البلاد»، و»لا تخافوا، لا تخافوا، نحن متحدون». ونقلت وكالة «رويترز» عن شهود إن شرطة مكافحة الشغب أطلقت غازاً مسيلاً للدموع لتفريق متظاهرين غاضبين من تراجع الريال. وأوردت وسائل إعلام إيرانية أن أشخاصاً في البازار أحرقوا إطارات وأطلقوا شعارات ضد الحكومة، فيما تحدثت وكالة «فرانس برس» عن احتجاج في البازار، مشيرة إلى أن الشرطة أخمدته. وأغلق معظم المحال في البازار، وقال تاجر: «أغلقنا لأننا لا نعلم ما سيحصل» مع الدولار. وأشار آخر إلى أن عدم استقرار سعر صرف الريال، يمنع التجار من تحديد الأسعار. لكن أحمد كريمي أصفهاني، مسؤول نقابة البازار، عزا الإغلاق إلى «اعتبارات أمنية وحماية المحال التجارية»، معلناً أن المتاجر ستعاود فتح أبوابها اليوم. في المقابل، شدد عقيد في الشرطة على أن «بازار طهران ليس مغلقاً»، مؤكداً أن الشرطة «ستتعامل مع التجار الذين أغلقوا محالهم، لتعكير» الوضع الاقتصادي. وبازار طهران هو أحد أبرز أسواق العاصمة، وأدى تجاره تاريخياً دوراً بارزاً في الحياة السياسية، إذ قادوا تظاهرات انتزعت تنازلات مؤيدة للديموقراطية من الشاه قبل أكثر من قرن، وساندوا الثورة العام 1979. وفي حين تدافع إيرانيون مذعورون لشراء عملات صعبة، أغلقت محال صيرفة أبوابها، وحجبت السلطات مواقع إلكترونية لأسعار العملات، ومنعتها من تحديث معلوماتها، على رغم أن سعر الريال في مقابل الدولار سجّل أمس نحو 34 ألفاً، بعدما كان 36 ألفاً الثلثاء. ونقلت وكالة «رويترز» عن ديبلوماسي غربي في طهران قوله: «الكلّ يريدون شراء دولارات، وإعلان نجاد استخدام الشرطة ضد صرّافين ومتلاعبين (بالعملة)، لم يساعد إطلاقاً. الناس الآن أكثر قلقاً». في السياق ذاته، أفادت «فرانس برس» عن اقتحام مئات من أفراد شرطة مكافحة الشغب حي فردوسي حيث تنتشر محال صيرفة، واعتقلوا صرّافين يعملون بلا ترخيص وأمروا بإغلاق مكاتب الصيرفة المرخصة ومتاجر أخرى. وأشارت إلى أعمدة دخان شوهدت فوق موقعين في المنطقة، ونقلت عن شهود إن محتجين رشقوا شرطيين وسياراتهم بحجارة. وأعلن قائد الشرطة الجنرال إسماعيل احمدي مقدم، تشكيل لجنة تضمّ «مسؤولين اقتصاديين من الحكومة وقادة في الشرطة، لمكافحة المتسببين في بلبلة سوق العملة»، مضيفاً أن «تقويم المصرف المركزي يفيد بأن الناس يحتفظون بكمية ضخمة من العملة والذهب في منازلهم، ما ينعكس سلباً على الاقتصاد». وأسِف لأن «بعضهم يعتقد بأن رأسماله سينهار (بسبب تراجع الريال)، ويهرع إلى أسواق العملة والذهب، ما يسبّب ارتفاع الأسعار». أما وزير الاقتصاد شمس الدين حسيني فأعلن أن إيران تسعى إلى إنهاء نشاط السوق الحرة للريال، مستخدمة «مركزاً للصرف الأجنبي» أسسته أخيراً. وبعد مؤتمر صحافي عقده نجاد الثلثاء، ونأيه بحكومته عن أزمة الريال، أوردت صحيفة «اعتماد» الإصلاحية أن الرئيس الإيراني هدّد بالاستقالة، مستندة إلى قوله أثناء المؤتمر: «إذا كان وجودي صعباً جداً بالنسبة إليكم، أكتبُ سطراً واحداً، وإلى اللقاء». وتساءل عن سبب اقتصار الانتقادات على حكومته، وتجنّب مطلقيها استهداف القضاء ومجلس الشورى (البرلمان) وبلدية طهران. ويقود المؤسسات الثلاث مناهضون لنجاد، خصوصاً رئيس البرلمان علي لاريجاني الذي سخر من «سياسات روبن هود» التي ينتهجها نجاد. وكان ناطق باسم البيت الأبيض عزا تدهور الريال إلى العقوبات المفروضة على طهران، معتبراً أن «الشعب الإيراني يدرك مَن المسؤول عن الظروف التي تعصف باقتصاد بلاده، نتيجة تعنّت النظام في رفضه الالتزام بواجباته».