حسم العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني أمس موعد إجراء الانتخابات النيابية التي كانت مقررة قبل نهاية السنة بترحيلها إلى العام المقبل. بموازاة ذلك، شككت المعارضة الإسلامية، المكون السياسي الأبرز في البلاد، بإجراء الانتخابات مع استمرار حال «الانسداد السياسي»، في وقت علمت «الحياة» أن اجتماعات رسمية عقدت خلال ال 48 ساعة الماضية على أعلى المستويات، وغلب عليها الطابع الأمني، لبحث كيفية التعامل مع تظاهرات «الإخوان» وحلفائهم بعد غد الجمعة. وتحدثت مصادر رسمية رفيعة ل «الحياة»، عن حال من القلق سيطرت على هذه الاجتماعات، من دون الاتفاق على سيناريو موحد، في خصوص شكل التعامل مع المتظاهرين. وأعلن المجتمعون حالاً من «الطوارئ» غير المعلنة، وأوقفت الإجازات لكبار المسؤولين وأفراد الأمن في العاصمة والمدن المجاورة. وكان الملك عبدالله قال في تصريحات خلال مشاركته في أعمال القمة الثالثة لدول أميركا الجنوبية والدول العربية (أسبا) في العاصمة البيروفية ليما: «سننتخب برلماناً جديداً مع بداية العام المقبل». ونقلت عنه وكالة الأنباء الرسمية (بترا): «إننا في طور بناء نظام للأحزاب السياسية سيشكل عماد الحكومات البرلمانية». وحسمت تصريحات الملك جدلاً دائراً في العاصمة الأردنية عن موعد إجراء الانتخابات، مع بروز انقسام حاد داخل مؤسسات الحكم في شأن الموعد المذكور. وعلمت «الحياة» من مصادر رسمية أن تمديد فترة التسجيل للانتخابات، أدى عملياً إلى تأجيل هذا الاستحقاق الدستوري عن موعده المحدد سابقاً قبل نهاية السنة. وكانت الهيئة المستقلة المشرفة على الانتخابات أعلنت تمديد فترة التسجيل للانتخابات مدة 15 يوماً إضافية، بهدف رفع نسب المشاركة، خصوصاً في عمان ومدن «الكثافة الفلسطينية» التي شهدت إقبالاً ضئيلاً على التسجيل. ووصل عدد المسجلين في العاصمة نحو نصف مليون من أصل مليوني ونصف المليون مواطن حتى يوم أمس. وفيما تواصل الحكومة الأردنية الحديث عن انتخابات «مهمة» و «تاريخية»، اتهمت جماعة «الإخوان المسلمين» السلطات بعدم «الجدية» في التوجه نحو إجراء انتخابات «حرة» و «نزيهة». وأكد الرجل الثاني في الجماعة زكي بني ارشيد في تصريحات بدت لافتة، ان «الانتخابات لن تجري في موعدها أبداً». وأضاف: «لن تستطيع الدولة إجراء الانتخابات في ظل المقاطعة الشعبية الواسعة... عليها أن تعدل قانون الانتخاب قبل كل شيء». وزاد: «مستعدون لرسم علاقتنا مع الدولة كما ترسم الأشكال الهندسية، لكن الذهاب إلى الانتخابات في ظل هذه الأجواء يمثل انتحاراً سياسياً». وغير بعيد من ملف الانتخابات، ينتظر الأردنيون بقلق ما ستسفر عنه مسيرات الجمعة، إذ تصر «الإخوان» وحلفاؤها على تنفيذ أضخم تظاهرات معارضة منذ انطلاق الاحتجاجات الشعبية قبل نحو عامين. في المقابل، استمر الحشد والتصعيد المتبادل بين مؤسسات الدولة والجماعة أمس، مع إعلان قوى شعبية وعشائرية كما أطلقت على نفسها، تنظيم تظاهرات مؤيدة للنظام في الزمان والمكان ذاتهما. وخلال الاجتماعات الأمنية المذكورة، تبنى تيار رسمي خيار قمع التظاهرات المعارضة بالقوة، بينما حذر تيار آخر من مغبة الانجرار إلى قمعها. وتبنى تيار ثالث خيار اللجوء إلى تقطيع شوارع العاصمة وتحويلها إلى ثكنات أمنية للتضييق على تظاهرات الإسلاميين وعرقلة الوصول إليها. لكن مصدراً أمنياً رفيعاً أكد ل «الحياة» أن قرار التعامل مع التظاهرات المرتقبة سيكون محكوماً بتطورات الميدان، فيما قال الناطق باسم الحكومة الأردنية الوزير سميح المعايطة ل «الحياة» إن «قوات الأمن ستعمل على حماية التظاهرات المعارضة». وأضاف أن «حق التعبير مصان ووظيفة الدولة حماية حق الناس كالمعتاد». وتابع: «على الإخوان أن يعيدوا اندماجهم عبر المشاركة بالانتخابات»، مطالباً «حكماء الجماعة» بمراجعة مواقفها. ولم تنجح «تطمينات» المعايطة في محو حال القلق والخوف لدى الأردنيين الذين استيقظوا أمس على بيانات لحراكات مؤيدة للحكومة تحذر «من إصرار متظاهرين مناوئين للإخوان على حمل الأسلحة النارية والبيضاء». وناشد أحد البيانات المشاركين «عدم حمل الأسلحة داخل المسيرة أو إطلاق العيارات النارية»، وقال: «وصلتنا معلومات أن أشخاصاً كثر سيحملون الأسلحة الجمعة». وفي تطور جديد، اعتقلت الأجهزة الأمنية 15 عضواً من التيار السلفي الجهادي المعروف بقربه من تنظيم «القاعدة» أمس. وأرجع القيادي في التيار سعد الحنيطي هذه الاعتقالات إلى الخوف من مشاركتهم في تظاهرات الجمعة.