باشرت الخرطوم في تنفيذ اتفاق الترتيبات الأمنية مع دولة جنوب السودان، وأوقفت قيادات ميليشيا جنوبية معارضة، وتنتظر من جوبا خطوة مماثلة. ورأت الخرطوم أن اتفاقها مع جوبا الذي وُقّع قبل أيام في أديس أبابا، سينهي قضية المتمردين الشماليين في «الحركة الشعبية - الشمال» التي تقاتل الحكومة في ولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق. ودهمت السلطات السودانية منزل القائد الجنوبي المعارض لحكومة الجنوب جيمس قاي الكائن في ضاحية الفتيحاب في جنوب مدينة أم درمان، ثاني أكبر مدن العاصمة السودانية الثلاث، بعد تبادل إطلاق النار مع ما تبقى من قواته. وأوقفت أجهزة الأمن خمسة من ضباطه و70 من مقاتليه مع أسلحتهم. لكن قاي الذي يرأس «حركة تحرير جنوب السودان» فر إلى جهة غير معلومة مع مجموعة من عناصر ميليشياته. كما اعتقلت الأجهزة الأمنية 24 من أفراد الميليشيا بعد دهم منزلين متجاورين في المنطقة التي طوّقتها السلطات بعدد كبير من السيارات والجنود المدججين بالسلاح. ووضعت قوة الأمن يدها على عربة مليئة بالأسلحة، وسط حال ذعر عمت قاطني المنطقة بعد تبادل إطلاق النار. وقال مصدر أمني «إن عملية الدهم محاولة من الحكومة لتجفيف العاصمة من الميليشيات التي تقاتل حكومة الجنوب»، مشيراً إلى أن السلطات صادرت 8 سيارات بجانب عشرات الأسلحة الصغيرة. ويأتي ذلك بعد رفض «حركة تحرير جنوب السودان» للاتفاقات الموقعة أخيراً بين دولتي السودان وجنوب السودان في العاصمة الإثيوبية، الخميس الماضي، بخاصة اتفاق الترتيبات الأمنية الذي ينص على توقف كل من البلدين عن إيواء الحركات المسلحة المعارضة لنظام الدولة الأخرى ودعمها. كما أكد مسؤول في حزب المؤتمر الوطني الحاكم أن اتفاق الترتيبات الأمنية سينهي ضمنياً متمردي «الحركة الشعبية - الشمال»، وقال: «إن الفرصة الوحيدة المتاحة للتحاور مع قيادات هذه الحركة ستكون انطلاقاً من انهم مواطنون سودانيون بعيداً من أي صفة أخرى. وأكد الناطق باسم الحزب بدر الدين أحمد إبراهيم في تصريحات صحافية أمس، أن بروتوكول التعاون الموقع بين البلدين يقطع الطريق على المطالبة بالاستفتاء على الاتفاق الموقع مع حكومة الجنوب، مقللاً من المخاوف المحيطة باتفاق الحريات الأربع مع الجنوب (التنقل - العمل - التملك - الإقامة)، لافتاً إلى قوانين وضوابط تحكمها بين البلدين. ونفى الناطق أي علاقة بين الجنسية السودانية ومنح الحريات الأربع، مؤكداً أن أياً من مواطني السودان أو دولة الجنوب يريد أن يطبق اتفاق الحريات الأربع الموقع بين البلدين لا بد له أن يلتزم تماماً قوانينَ الدولة المنظمة لهذه الحريات». وأضاف: «إذا تم تنفيذ الترتيبات الأمنية سيموت المتمردون الشماليون ضمنياً»، مشيراً إلى إمكان التحاور مع قيادات هذا التمرد - مالك عقار وعبدالعزيز الحلو وياسر عرمان - بصفتهم مواطنين شماليين وليس بأي صفة أخرى. ورفض إبراهيم دعوة زعيم حزب الأمة المعارض الصادق المهدي إلى تشكيل مجلس حكماء سودانيين ليكون الاحتكام إليهم.