علمت «الحياة» من مصادر مختلفة ان مقاتلي وقادة تنظيم «القاعدة» أخلوا مراكز كانوا يستخدمونها في منطقة القبائل شمال غربي باكستان في السنوات التي تلت الغزو الأميركي لأفغانستان نهاية عام 2001، وان القادة الباقين القلائل خرجوا بعد سنوات من الصراع إلى افغانستان بالتنسيق مع مقاتلي حركة «طالبان»، وذلك تنفيذاً لأوامر زعيمها الملا محمد عمر وزعيم الحزب الاسلامي قلب الدين حكمتيار. وأكدت مصادر ديبلوماسية في إسلام آباد أن زعيم «القاعدة ايمن الظواهري خرج ليلاً مع عدد من كبار مسؤولي التنظيم من منطقة القبائل وسط حراسة مشددة. واستغرقت رحلتهم من اقليم شمال وزيرستان الباكستاني الى ولايتي كونار ونورستان شرق افغانستان أكثر من ستة شهور بسبب تنقلهم البطيء. ورأت المصادر ان تنسيق الظواهري عملية انتقاله مع حكمتيار يشير الى محاولة الخروج من حماية «طالبان» في حال ابرمت الحركة اتفاقاً مع الولاياتالمتحدة وقوات الحلف الأطلسي (ناتو) من اجل تسلم السلطة في افغانستان. لكن مصادر أخرى مقربة من الحركة والحزب الاسلامي رفضت هذا التفسير للجوء مقاتلي «القاعدة» إلى منطقتي كونار ونورستان. وأعلن الشيخ فضل الرحمن خليل، زعيم حركة المجاهدين الكشميرية المقربة من «طالبان» والذي ارتبط بعلاقة قوية مع الزعيم الراحل ل «القاعدة» اسامة بن لادن، ان مناطق كونار ونورستان محصنة طبيعياً بجبال وعرة، ما افشل الحملات الأميركية وقبلها السوفياتية في اخضاعهما، «ما يبرر رغبة زعماء القاعدة في اللجوء اليها من اجل الحفاظ على قدرة التنظيم في توجيه العمليات في انحاء العالم، فيما لا صحة لنشوب خلاف بين القاعدة وطالبان». وأيدّ ذلك الدكتور غيرت بهير، صهر حكمتيار ومندوب الحزب الإسلامي في باكستان، وقال ل «الحياة» إن «الإخوة العرب كانوا ولا يزالون يعملون على فض الخلافات في وجهات نظر الحزب الإسلامي وطالبان»، ورحيلهم من مناطق القبائل الباكستانية إلى كونار ونورستان لا يعني وقوفهم مع طرف دون طرف، بل مجرد الابتعاد عن الغارات الأميركية التي تستهدفهم. وصرح الفريق حميد غل المدير السابق للاستخبارات الباكستانية بأن «خروج المقاتلين العرب وقيادات القاعدة من مناطق القبائل يسقط حجة الأميركيين باستهداف هذه المناطق بغارات يومية. كما انها تعج بمخبرين للاستخبارات الأميركية يعطون معلومات عن تواجد أي عربي أو معارض لسياسات الولاياتالمتحدة في افغانستان تمهيداً لاستهدافه». وأشار مسؤول في «شبكة حقاني» الى خروج المقاتلين العرب من شمال وزيرستان، وانتقال غالبيتهم الى كل من سورية واليمن أو الى بلدانهم الأصلية، في حال ضمنوا عدم محاسبتهم بالطريقة التي سادت في هذه البلدان قبل ثورات الربيع العربي. وأكد ترحيله كثيرين بالتعاون مع سفارات بلادهم. ميدانياً، قتلت ثلاثة متمردين على الاقل في غارة شنتها طائرة اميركية بلا طيار على سيارة استقلوها في منطقة حيدر خيل باقليم مير علي شرق ميرانشاه، كبرى مدن شمال وزيرستان. وسقط 7 مسلحين في اشتباكات اندلعت بمنطقة أوركزاي العليا القبلية، وقضى عنصر أمن بانفجار عبوة.