تلقى الفلسطينيون ببرود لافت خطاب الرئيس محمود عباس في الأممالمتحدة، وذلك على خلاف ما حدث العام الماضي، حين خرج مئات الآلاف للاحتفال بخطابه والترحيب بتقديمه طلباً للحصول على عضوية المنظمة الدولية. ولم يستجب أحد لدعوة وجهتها حركة «فتح» الى المواطنين للتجمع في ميدان المنارة وسط رام الله قبيل إلقاء الرئيس خطابه للتعبير عن التأييد له، في حين تدفق عشرات الصحافيين الى الموقع، لكنهم لم يجدوا سوى أنفسهم هناك. وطاف ناشطون من «فتح» شوارع المدينة وهم يطلبون من الجمهور، عبر مكبرات الصوت، التجمع في الميدان، لكن أحداً لم يستجب. ويعزو مراقبون عزوف الجمهور الفلسطيني عن الاحتفاء بإعلان الرئيس عباس عن قراره تقديم طلب الى الجمعية العامة للامم المتحدة، بعد مشاروات لاحقة، للحصول على مكانة «عضو مراقب» في الجمعية العامة، الى عدم تحقيق أي تقدم في الطلب الذي قدمه الرئيس في الدورة السابقة للجمعية والقاضي بالحصول على عضوية كاملة في المنظمة الدولية. وكان عباس قدم طلب العضوية الى رئيس مجلس الامن عقب إلقاء خطابه في مثل هذا الوقت من العام الماضي. لكن المندوب الفلسطيني في الأممالمتحدة لم يطلب التصويت على مشروع القرار لاحقاً لعدم توافر العدد المطلوب من المؤيدين في المجلس لتمرير المشورع، وهو أصوات 9 أعضاء من 15 عضواً في المجلس. وقال الرئيس عباس في خطابه أمام الجمعية العامة اول من امس، إنه سيواصل مساعيه الرامية الى الحصول على عضوية كاملة في المنظمة الدولية، لكنه سيقدم هذا العام طلباً للحصول على مكانة عضو مراقب. ولم يحدد الرئيس موعد تقديم الطلب، لكنه قال إن مشاورات مع الاعضاء والمجموعات الاقليمية المختلفة بدأت. ويقول المحللون إن عدم تقديم الطلب، عقب الخطاب، أدى الى فتور في ردة فعل الشارع الفلسطيني على الخطاب، وعلى هذه الخطوة. وقال المحلل هاني المصري: «الجمهور يعلم أن تأجيل تقديم الطلب جاء بناء على طلب أميركي، لهذا لم يبد أي حماسة». وأكد مقربون من الرئيس الفلسطيني أن الطلب لن يقدم قبل انتهاء الانتخابات الاميركية، وذلك تجنباً لإغضاب إدارة الرئيس باراك اوباما في فترة الانتخابات التي غالباً ما يتخذ المتنافسون فيها خطوات متطرفة لارضاء اللوبي اليهودي. ورجح كبير المفاوضين الدكتور صائب عريقات أن يجري تقديم الطلب في 29 تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل الذي يصادف يوم التضامن مع الشعب الفلسطيني، علماً أن الانتخابات الاميركية تجري في الرابع من الشهر نفسه. ويتعرض الرئيس عباس الى ضغوط أميركية وأوروبية للعودة الى المفاوضات مع اسرائيل من دون شروط مسبقة، مثل وقف الاستيطان. وينتقد كثير من الفلسطينيين، بمن فيهم مسؤولون في «فتح»، الرئيس عباس لعدم تقديمه طلب الحصول على عضو مراقب العام الماضي حين كان معظم دول العالم يدعمه. وقال ديبلوماسي فلسطيني: «كان من المفروض أن نحصل العام الماضي على صفة عضو مراقب، وأن نقدم هذا العام طلباً للحصول على عضو كامل العضوية». وأضاف: «الحصول على عضو مراقب يمهد الطريق للحصول على العضوية الكاملة وليس العكس، فما يتاح لك اليوم يأتي نتيجة عوامل موضوعية وذاتية ربما لا تتوافر في أي وقت آخر، ففي العام الماضي كان العالم داعماً لنا وتلقينا عروضاً اوروبية مجزية لتقديم طلب الحصول على عضو مراقب، أما هذا العام فلا يوجد الكثير من الحماس في اوروبا لخطوتنا». وطلب الكثير من زوار الرئيس في مقره في نيويورك هذا العام منه عدم تقديم الطلب والعودة الى المفاوضات، مثل وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون والرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند وغيرهم، وذلك بخلاف زوار العام الماضي، الذين عرضت غالبيتهم عليه التوجه الى الجمعية العامة للحصول على عضو مراقب بدلاً من مجلس الأمن. من جانبها أعلنت عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية حنان عشراوي في مؤتمر صحافي عقدته امس في رام الله، أن قرار رفع تمثيل فلسطين إلى دولة غير عضو في الأممالمتحدة سيقدم بعد الانتخابات الرئاسية الأميركية التي تجرى في السادس من تشرين الثاني (نوفمبر)، لكن قبل نهاية السنة. وأوضحت: «بدأنا المشاورات المتعلقة بمضمون القرار الذي سيقدم إلى الجمعية العامة لرفع وضع فلسطين إلى دولة مراقب». وأضافت أن «الأكثرية تتطلع إلى انتهاء المشاورات قبل نهاية السنة. واقترح آخرون أن نحدد 29 تشرين الثاني موعداً، وهو اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني». وتابعت أن «الرئيس قال صراحة انه لن يقدم القرار قبل الانتخابات الأميركية»، مشيرة إلى «أننا وصلنا إلى مرحلة دقيقة. لقد سمح لإسرائيل بنسف حل الدولتين، إذ إن ما يقوم به الفلسطينيون هو مجهود أخير لإنقاذ فرص السلام وحل الدولتين». وأقرت ب «أننا أضعنا زخم الجهد المبذول العام الماضي في مجلس الأمن» عندما قدم عباس طلباً تاريخياً لانضمام دولة فلسطين إلى الأممالمتحدة بصفتها عضواً كامل العضوية.