تجدّد القلق من عدم القدرة على تأمين حزمة المساعدات التي تنتظرها اليونان، وتأثير ذلك في منطقة اليورو، بينما تشهد أثينا اليوم إضراباً عاماً يستمر 24 ساعة احتجاجاً على إجراءات التقشف. وحذّرت رئيسة صندوق النقد الدولي كريستين لاغارد، من «مشكلة تمويل اليونان التي تتعرض منذ أسابيع لضغوط من شركائها ودائنيها». وأكدت «وجود مشكلة في التمويل مع التأخر الكبير في عملية التخصيص، والحجم المحدود للعائدات الضريبية»، مشددة على «ضرورة حل» مشكلة الديون هذه. وأعلنت المستشارة الألمانية أنغيلا مركل، في اجتماع لاتحاد الصناعات الألماني، أن الأسواق المالية «لا تثق في قدرة بعض الدول في منطقة اليورو على تسديد ديونها على المدى الطويل». ولفتت إلى أن العالم «يسأل عن مدى قدرة دول منطقة اليورو على المنافسة». وشدّدت على أن حل الأزمة «يتطلب قوة تحمّل، لكن اتفاق ضبط الموازنات إشارة إلى إحراز تقدم مثل الذي تحقق في الرقابة على مصارف المنطقة». واعتبرت أن «من السابق لأوانه الحديث عن رفع رؤوس أموال المصارف في منطقة اليورو من خلال آليات أوروبية، قبل إنشاء كيان رقابي يتمتع بحقوق تدخل واسعة». وتوقعت أن «يبلغ العجز الكلي في موازنة ألمانيا 0.9 في المئة من الناتج»، مؤكدة حاجة برلين إلى «مواصلة دعم الطلب المحلي». توقعات النمو وعلى صعيد نمو الاقتصاد العالمي، رجّحت رئيسة صندوق النقد الدولي كريستين لاغارد، أن «يخفّض الصندوق توقعاته لهذا النمو الشهر المقبل»، لدى تحديثها، مع تأثر المعنويات بالغموض حول التزام المسؤولين الأوروبيين وعودهم بالتصدي لأزمة ديون منطقة اليورو. ولم تنفِ توقع «تعاف تدريجي»، لكن رجحت أن «يقلّ النمو العالمي في شكل طفيف عما توقعناه في تموز (يوليو) الماضي، إذ تراجعت على مدى الأشهر ال12 الماضية». وكان الصندوق خفّض توقعاته للنمو العالمي عام 2013، إلى 3.9 في المئة، من دون أن يعدّل تلك الخاصة بهذه السنة ليستقر النمو على 3.5 في المئة. ونبّهت لاغارد، من أزمة ديون منطقة اليورو التي «تشكل أكبر خطر على الاقتصاد العالمي»، من دون أن تغفل «التهديد الكبير» الذي تمثله أيضاً المشكلة المالية الأميركية. وفي ظل هذا القلق من أخطار الأزمة واستمرار وجود عقبات أمام آليات المعالجة، كشفت صحيفة «بيلد» الألمانية، أن البنك المركزي الأوروبي والبنك المركزي الألماني (بوندسبنك)، «يبحثان في مدى قانونية برنامج شراء السندات الجديد. وأشارت «بيلد» الى أن المحامين في المصرفين «يراجعان حجم البرنامج والفترة الزمنية التي يستغرقها كي لا يصل إلى حد انتهاك اتفاقات الاتحاد الأوروبي». وأوضحت أن ذلك «يعني احتمال إحالة القضية قريباً على محكمة العدل الأوروبية». ولفتت إلى أن المصرفين «يريدان التسلح بالقانون لمواجهة هذا الاحتمال». وأثار التقرير قلقاً في الأسواق المالية التي رحّبت بإعلان خطة شراء السندات خلال هذا الشهر، بصفتها خطوة جريئة لإنهاء الأزمة. ولفتت «بيلد» إلى أن الجدل «يدور حول برنامج شراء السندات، وإذا كان ينتهك الحظر الذي تفرضه اتفاقات الاتحاد الأوروبي على التمويل المباشر للعجز في موازنات الدول». على طريق الحل وفي انتظار خطوة أولى على طريق الحل، تواجه اليونان تحدياً جديداً في معركة بقائها في منطقة اليورو، إذ تشهد إضراباً عاماً ضد إجراءات التقشف التي تُعدّ في لقاءات سرية بين مركل ولاغارد ودراغي. ودعت النقابتان الرئيستان في اليونان، الاتحاد العام للعمال اليونانيين والهيئة العليا لاتحادات موظفي القطاع العام (اديدي)، إلى إضراب عام يمتد 24 ساعة، مع تظاهرات احتجاج على حزمة التقشف الجديدة. ويبدو أن الدائنين الدوليين منقسمون حول الاستراتيجية الواجب اتباعها حيال بلد يواصل اقتصاده الانزلاق في الركود حتى بعد حصوله على قروض ببلايين الدولارات، لعملية إنقاذ وضعه المالي التي بدأت في أيار (مايو) عام 2010. ويفترض أن تتيح الإجراءات التي تناقش حالياً وتقضي بخفض الرواتب والإعانات والمساعدات الاجتماعية ترافقها إصلاحات بنيوية لتحديث الدولة وتعزيز القدرة التنافسية ومكافحة الفساد، توفير 11.6 بليون يورو من النفقات العامة لليونان، وزيادة عائداتها بليوني يورو. ويعد إقرار هذه الحزمة في البرلمان شرطاً للإفراج عن دفعة بنحو 31.5 بليون يورو. وقبل أيام من اجتماع حاسم لوزراء مال منطقة اليورو مخصص لليونان، لم يكشف أي شيء عن أجندات هذين اللقاءين. وفي إيطاليا، جسّد طلاب احتجاجهم على الأزمة الاقتصادية والنظام التعليمي، بارتدائهم ملابس المشردين أمام مدارسهم أمس في محاكاة للمتسولين. ولفتت وكالة الأنباء (آكي)، إلى أن الطلاب الذين حولوا أنفسهم إلى متسولين في 25 مدينة إيطالية رفعوا لافتة كتب عليها «اليوم طلاب، وغداً عاطلون؟» في إشارة إلى الارتفاع الكبير في نسبة البطالة بين الشباب التي تخطت 30 في المئة».