أثينا، برلين، أمستردام، روما، بروكسيل - أ ف ب، رويترز - نجحت اليونان في تجنّب الإفلاس بنيلها موافقة غالبية الجهات الدائنة الخاصة على خفض ديونها السيادية وإعادة جدولتها، ما يمهد الطريق أمام تطبيق خطة الإنقاذ الثانية التي أعدّها الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي. وبعد شهور من المفاوضات الشاقة، أعلنت اليونان «الحصول على موافقة 83.5 في المئة من الدائنين من القطاع الخاص، لمبادلة سندات الخزينة، وبينهم 85.8 في المئة من مالكي سندات الخزينة اليونانية». وستتيح العملية الأكبر التي تنفذ في العالم، خفض الدين إلى 120.5 في المئة من الناتج الداخلي بحلول عام 2020، في مقابل 160 في المئة حالياً، وهي نسبة تبقى مرتفعة جداً قياساً إلى المعايير الدولية. ويُعدّ معدل موافقة الجهات الدائنة من القطاع الخاص غير كاف، ما يفسر اضطرارها إلى التوصية بتفعيل آلية «بنود العمل الجماعي» الملحقة بالسندات. وتلزم هذه البنود حاملي السندات على الموافقة على شروط المبادلة، ما يرفع نسبة الموافقة إلى 95.7 في المئة. وكان مفترضاً أن يتخذ وزراء المال في منطقة اليورو الذين اجتمعوا في بروكسيل عصر أمس، قراراً لتفعيل هذه البنود. وتزامن الاجتماع مع آخر للجنة دولية أخرى، كي تقرر ما إذا كان اللجوء إلى تفعيل آلية «بنود العمل الجماعي» سيؤدي أم لا إلى دفع ضمانات وقعها المستثمرون، لتحصين أنفسهم من تخلف اليونان عن الدفع. ولو حصلت اليونان على موافقة أكثر من 90 في المئة من الجهات الدائنة، لكانت تجنبت الحاجة إلى تفعيل آلية «بنود العمل الجماعي». ولفتت الحكومة اليونانية إلى أن حاملي «نحو 172 بليون يورو من سندات الخزينة اليونانية، وافقوا على اقتراح أثينا المقدم الشهر الماضي، بمبادلة أسهم الديون بأخرى خفضت قيمتها بنسبة 50 في المئة. فيما لم تبلغ المشاركة في سندات الخزينة الأجنبية سوى 69 في المئة». ويُفترض تبادل الأسهم فعلياً الاثنين المقبل، في ما يخصّ سندات الخزينة اليونانية لكن أُمهل مالكو السندات غير اليونانية إلى 23 الجاري للرد على الاقتراح. ولا تسمح هذه المهلة للأطراف الموافقين على العرض بالعودة عن قرارهم. وكان متوقعاً أن تصدر منطقة اليورو أيضاً قراراً بإطلاق الشق الثاني من المساعدة لليونان وينصّ على تقديم قرض ثان بنحو 130 بليون يورو من المساعدات بحلول عام 2015. واعتبر رئيس معهد المالية الدولي شارل دالارا، الذي تفاوض على مدى أشهر باسم المصارف على شروط مبادلة السندات مع الحكومة اليونانية، أن النتيجة «تخفض أخطار انتقال العدوى إلى الأسواق ما يتيح لليونان مواصلة جهود الإصلاح». ووصف وزير المال الفرنسي فرانسوا باروان، نتائج العملية بأنها «نبأ سار ونجاح كبير». وأعلن الناطق باسم الحكومة الألمانية ستيفن شيبرت، أن وزراء المال في منطقة اليورو، بحثوا في نتائج مبادلة ديون اليونان في مؤتمر عبر الهاتف، لافتاً إلى أنهم «سيقررون في اجتماع الأسبوع المقبل السماح بصرف أموال من خطة إنقاذ ثانية». وأوضح في مؤتمر صحافي، أن «نسبة المشاركة المرتفعة من جانب الدائنين من القطاع الخاص، تمهد الطريق لأكبر عملية إعادة هيكلة لديون دولة في التاريخ». ورأى وزير المال الهولندي يان كيز دي ياغر، في حديث إلى تلفزيون حكومي، ضرورة «توخي الحذر بعد عملية مبادلة الديون الناجحة التي قامت بها اليونان، إذ يبدو أنها تجنبت الإفلاس غير المنظم». واستبعدت مديرة صندوق النقد الدولي كريستين لاغارد، «اندلاع أزمة خطيرة في منطقة اليورو حالياً». فيما اعتبر وزير الخزانة الاميركي تيموثي غايتنر، أن أوروبا «لم تعد تشكل أخطاراً كبرى» على الاقتصاد العالمي. وكتبت «دير شبيغل» الألمانية، أن «خطة بقيمة 50 بليون يورو ربما تكون لازمة عام 2015»، مستندة إلى تقرير للترويكا التي تمثل ابرز الجهات المانحة لليونان (الاتحاد الأوروبي والبنك المركزي الأوروبي وصندوق النقد الدولي). وأوردت نسخة تمهيدية من تقرير الترويكا الأخير، أن «عودة اليونان إلى أسواق القروض عام 2015 غير مضمونة، وبالتالي يمكن أن تصل حاجاتها المالية الخارجية بين الأعوام 2015 و 2020، إلى 50 بليون يورو، ويجب ردم هذه الفجوة بطريقة أو بأخرى». ولم تعد هذه الفكرة من المحرمات في منطقة اليورو، إذ لمح وزير المال الألماني ولفغانغ شيوبيله، إلى احتمال أن «يضطر النواب الألمان إلى البحث في مساعدات لليونان» من دون أن يفصح عن أرقام. ولم يستبعد رئيس مجموعة اليورو جان كلود يونكر، «هذا الخيار في شكل كامل». وقال: «لا يجب أن نصر على فكرة إلزامية وجود خطة ثالثة». فيما رأى مصدر حكومي أوروبي أن وجود مثل هذه الخطة «منطقية»، لأن «فرص عودة اليونان إلى الأسواق ضعيفة جداً خلال هذه المرحلة». وأوضح أن «طرح مساعدة أخرى ستكون بأقل صعوبة لأن المبالغ لن تكون ذاتها». إسبانيا وإيطاليا وفي ما يعود إلى الوضع الإسباني، أعلنت المفوضية الأوروبية أمس، «إرسال مفتشين إلى مدريد لتقويم بيانات عجز موازنة عام 2011، بعدما جاءت البيانات أعلى بكثير من التوقعات». وكانت اسبانيا، أشارت إلى أن عجز موازنتها بلغ 8.5 في المئة من الناتج المحلي العام الماضي أي أعلى بكثير من توقعات المفوضية البالغة نحو ستة في المئة». واستبعدت «الوفاء بالمستوى المستهدف للعجز هذه السنة، والبالغ 4.4 في المئة، وربما يبلغ العجز 5.8 في المئة». وفي إيطاليا، أعلنت هيئة الإحصاءات المركزية (إيستات)، أن الناتج الصناعي «سجل تراجعاً في كانون الثاني (يناير) الماضي، هو الأكبر منذ كانون الأول (ديسمبر) عام 2009، وبلغت نسبته 5 في المئة مقارنة بالشهر ذاته من العام السابق. كما انخفض إنتاج السيارات بنسبة 36 في المئة».