لم يعد الشيب الذي يعلو رؤوس الشباب محط استغراب أو دلالة على تقدمهم في السن، بعد أن تراجع الأسود مفسحاً المجال أمام اللون الأبيض الذي دخل على خطوط الموضة المعتمدة حالياً. ولم يعد كثر من الشبان يرون ان «اشتعال الرأس شيباً» أمر مقلق، بعد أن اختاروا تجربة هذا المظهر الجديد بصبغ خصلات من شعرهم أو شعرهم كاملاً ما يظهرهم شباناً بمواصفات كهول. وتعمد صالونات حلاقة إلى تقديم هذه الخدمة، التي لا تزال مُخصصة لزبائن «معينين»، ولم تنتشر على نطاق واسع بعد. ويقول عبد الكريم الحميدان، الذي قرر اعتماد هذه الطلة: «اللون الأبيض يرمز إلى الحياة والانطلاق، وهو كأي لون آخر وأنا لا أجد حرجاً من صبغ شعري به، بل أجد ذلك تجربة فريدة ومميزة». ولا يرى الحميدان طلاء الشعر الأبيض هذا «أمراً غريباً»، وعلى رغم أنه لم يتجاوز العقد الثالث، إلا أنه اختار الخروج عن المألوف، مشيراً إلى أن المسألة «يجب ألا تؤخذ بهذه الجدية». وقال: «أتعجب من المعارضين لها، فصبغ الشعر كان سمة تميز مجتمعنا ومجتمعات أخرى. وقديماً كانت الحناء تغطي بلونها الأحمر كل شعرة في رؤوس الرجال، بل حتى لحاهم وشواربهم، ولم يكن التلوين مقتصراً على النساء. واللون الأحمر هذا لا يختلف في تصنيفه عن الأبيض». ويتعجب نايف المسيري، الذي اعتمد التقليعة الجديدة أيضاً من «المعارضين الذين لا يجدون ضيراً في أن تصبغ خصل شعرهم بالحناء والسدر، إلا أنهم يعيبون علينا أن نصبغ شعرنا باللون الأبيض، وهذا أمر غريب جداً، وإن كانوا سيطبقون حكمهم هذا فليكن على جميع الألوان». ويتردد كريم يار (حلاق تركي)، في الجزم بأن تنتشر صبغة الشعر البيضاء بين الشبان بكثافة، مشيراً إلى أن أي قصة شعر جديدة «تبقى سنوات حتى تصبح عادية، وهناك قصات لا تزال في خانة المستغربة والمرفوضة من المجتمع. إلا أن الشبان يسارعون إلى تجربة كل ما هو جديد في عالم الموضة، ومنه ما راج أخيراً في عالم الصبغ و «التمييش» والأخير انتقل من الفتيات إلى الشبان، وهو صبغ خصل من الشعر بلون الأحمر الغامق». وأطلق على الصبغة البيضاء اسم «الشيبة» وهي لهجة محلية تشير إلى «الهرم» و «الكهولة»، ومن يختارها من الشبان، وأغلبهم بين العقدين الثاني والثالث، يحاولون سرقة سنوات للحصول على طلة متقدمة في العمر. ويصف الاختصاصي في علم الاجتماع عبدالله الحواتم، الظاهرة ب «العادية جداً، فهي نتاج طبيعي لمراهقة منفتحة على ثقافات عدة، من طريق وسائل اختصرت العالم، وساهمت في انتقال الأنماط الاجتماعية بسرعة». ويضيف الحواتم: «صبغة الشعر البيضاء تظهر في أفلام «الأكشن»، وتبناها لاعبو كرة قدم محترفون، إلى جانب مطربين غربيين، وحتى عرب». وذكر أن كل ظاهرة «تشتعل في بدايتها، وتبلغ ذروتها، لكن سرعان ما تنتهي وتبدأ غيرها».