هاجم رئيس الحكومة المغربية زعيم»العدالة والتنمية» الإسلامي عبدالإله بن كيران الأطراف التي قال إنها «تمارس التشويش» على مسار التجربة الحكومية. وقال خلال اجتماع في الدارالبيضاء إن هذه الأطراف التي لم يسمها «تمارس التشويش والتضليل»، ثم استدرك موجهاً كلامه إلى مناصريه أن»الحكومة صامدة»، وطمأنهم بأن الخصوم «لن ينجحوا». ورأى أن الساعين إلى إفشال التجربة الحكومية يستخدمون الوسائل كافة وضمنها محاولة «إفساد العلاقة الجيدة بين حزبنا وملك البلاد»، في إشارة إلى تصريحات همت تعكير أجواء الوفاق القائم. وقال: «ملكنا من ثوابت البلاد وعلاقتنا به ليست مبنية على اللعب». ومنذ تشكيل الحكومة التي يقودها الإسلاميون، يتعرض «العدالة والتنمية» إلى انتقادات متزايدة، فيما تأرجحت العلاقة مع القصر، ما دفع رئيس الحكومة إلى تقديم اعتذار إلى العاهل المغربي الملك محمد السادس ومستشاريه في وقت سابق لاحتواء الموقف المتصاعد. بيد أن مصادر مطلعة أكدت ل «الحياة» أن الجهات الرسمية «تتعاطى والأحزاب كافة على مسافة واحدة»، وأن «الدستور وحده يحدد سقف هذه العلاقة». لكن ذلك لا يلغي واقع أن العلاقة بين الإسلاميين والمؤسسات انبرت باتجاه نوع من التشكيك تغذيه خلفيات سياسية. وفي حين أعلن بن كيران عدم استسلام حكومته لأهواء الخصوم، شد قصر المؤتمرات في الصخيراتجنوب العاصمة الرباط أنفاس مناصري «الاستقلال» وهم يعاينون آخر خطوة على درب اختيار أمين عام جديد للحزب التاريخي، إذ دعي المجلس الوطني الذي يضم 996 شخصاً لانتخاب زعيم جديد والتصويت على المتنافسين لعضوية اللجنة التنفيذية الستة والعشرين، وسط إجراءات مشددة اعتمدت الاقتراع بشفافية. وحتى اللحظة الأخيرة حافظ المرشحان المتنافسان حميد شباط زعيم الاتحاد العام للعمال وعبدالواحد الفاسي نجل مؤسس الحزب علال الفاسي على ترشحيهما في ضوء فشل مساع وفاقية لتجنب التصدع، إذ طلب القيادي البارز محمد خليفة من المرشحين الانسحاب من المعركة وإرجاء الاقتراع إلى مطلع العام المقبل. لكن اقتراحه قوبل بالرفض، فيما بدا أن كل مرشح يراهن على استمالة غالبية أعضاء المجلس الوطني (برلمان الحزب) وصدرت عنهما تصريحات اتسمت بالتشدد ومحاولة النيل من الخصم. وكان لافتاً أن حميد شباط الذي يعتبر أول مسؤول نقابي يخوض معركة زعامة الحزب قال لمناصريه إنهم يقفون على مشارف «باب العزيزية» في إشارة إلى وصف مقر حزب «الاستقلال» بالقلعة الحصينة، فيما أكد عبدالواحد الفاسي أنه ملتزم البرنامج الذي صادق عليه المؤتمر السادس عشر للحزب، وأن أي أمين عام آت لابد أن يطبع مسار الحزب بشخصيته. وشبه معلقون معركة شباط بأنها بمثابة طبعة جديدة لإطاحة سلفه النقابي عبدالرزاق أفيلال، بينما يجرب طبيب القلب عبدالواحد الفاسي حظوظه في ضمان استمرارية وضخ دماء جديدة في شرايين الحزب الذي ظل بعيداً عن انفجار صراعات داخلية. على صعيد آخر (رويترز) قال مقرر الأممالمتحدة الخاص بمكافحة التعذيب خوان مينديز إن التعذيب ضد الأشخاص المشتبه بارتكابهم جرائم أمن عام في المغرب «ممنهج». وحض الرباط على أن تنهي بسرعة سوء المعاملة في السجون ومراكز الاحتجاز التابعة للشرطة. وفي ختام مهمة نادرة لتقصي الحقائق بناء على دعوة السلطات المغربية، قال مينديز للصحافيين انه توجد أيضاً أدلة على تعذيب المحتجزين في السجون ومراكز الاعتقال في منطقة الصحراء الغربية المتنازع عليها التي يسيطر عليها المغرب. وأضاف أن المعاملة التي «تصل إلى حد التعذيب» تظهر في المغرب خلال «التظاهرات الضخمة» وهي تهديد متصور للأمن العام أو إرهاب. وأوضح أن «التعذيب يميل لأن يكون أكثر قسوة وغلظة وممنهجاً في شكل أكبر في قضايا الأمن الوطني». وفي حين أشار إلى أن التعذيب ليس شائعاً كما كان يستخدم خلال «العقود الماضية»، أكد أن نتائجه المبدئية أظهرت حالات من «التقارير الموثوق بها» لاستخدام اللكمات والصدمات الكهربائية والحرق بالسجائر. وتابع في المؤتمر الصحافي الذي حضره أقارب ناشطين معتقلين ورجال شرطة سريون: «إضافة إلى ذلك لدي سبب قوي للاعتقاد بوجود اتهامات موثوق بها لاعتداءات جنسية وتهديدات بالاغتصاب للضحايا أو أفراد عائلاتهم وأشكال أخرى من سوء المعاملة». وامتنع الناطق باسم «المجلس الوطني لحقوق الإنسان» الرسمي الذي حضر المؤتمر الصحافي عن التعليق على هذه النتائج. وندد مقرر الأممالمتحدة أيضاً بزيادة في عمليات «الضرب المبرح والعنف الجنسي وأشكال أخرى من سوء المعاملة» للمهاجرين الذين لا يحملون وثائق والذين يأتي كثيرون منهم من الدول الأفريقية الواقعة جنوب الصحراء إلى المغرب على أمل السفر في شكل غير قانوني إلى أوروبا. وحض الرباط على التصديق «بأسرع ما يمكن» على البروتوكول الاختياري لاتفاق مناهضة التعذيب والذي يهدف إلى منع سوء معاملة الناس خلال احتجازهم. وسيقدم مينديز نتائجه وتوصياته مرفقة بردود الحكومة المغربية إلى مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في جنيف في شباط (فبراير) المقبل. وقال إنه ربما يتعين على الرباط تعديل تعريف التعذيب «لجعل هذه الجريمة تتفق مع القانون الدولي». ولاحظ أن زيارته المغرب وتنقله عبر مراكز اعتقال ومقار تنظيمية حقوقية كان موضع رصد. وقال إن لقاءاته وناشطين حقوقيين «كانت ترصدها السلطات». وزاد: «كانت هناك كاميرات ووسائل اتصال عدة تنتظرني في كل مكان، ولم تكن لوسائل إعلام».