أخفق المؤتمر السادس عشر لحزب «الاستقلال» المغربي الذي أنهى أعماله فجر أمس في الرباط في انتخاب أمين عام جديد وأعضاء اللجنة التنفيذية. ورحل الحسم في الخلافات التي انفجرت في شأن زعامة الحزب إلى الاجتماع المقبل للمجلس الوطني الذي سيعقد في غضون أسبوعين. وعزت مصادر حزبية الإرجاء الذي يعتبر الأول من نوعه في تاريخ الحزب إلى تزايد حدة الخلافات التي اعترت أعمال المؤتمر، خصوصاً بن أنصار الزعيم النقابي حميد شباط وداعمي المترشح عبدالواحد الفاسي نجل الزعيم التاريخي علال الفاسي بعد انسحاب أكثر من مترشح من حلبة سباق كاد يهدد الحزب بالتصدع والانهيار. وخلص المؤتمرون بعد توالي جولات الصراع التي امتدت حتى ساعة متقدمة من فجر أمس إلى الاكتفاء بانتخاب أعضاء المجلس الوطني الذي يضم أكثر من 800 مؤتمر، على أن تترك له صلاحيات اختيار الأمين العام الجديد الذي يخلف عباس الفاسي رئيس الحكومة السابق في مهامه وانتخاب أعضاء اللجنة التنفيذية التي تشكل القيادة الحزبية. وأفادت مصادر من داخل المؤتمر أن ترحيل القرار تطلب معاودة النظر في قوانين تنظيمية، فيما خلص المؤتمر إلى التصديق على بيان ختامي وقرارات وتوصيات أقرتها لجان المؤتمر التي تعمدت العمل خارج سباق الزعامة. وقال رئيس المؤتمر محمد الأنصاري: «تقرر بتوافق الأطراف كافة إرجاء انعقاد الدورة الأولى للمجلس الوطني التي كان من المقرر أن يتم خلالها انتخاب الأمين العام وأعضاء اللجنة التنفيذية» من دون تحديد أي موعد. وأعلن عبدالواحد الفاسي المرشح لمنصب الأمين العام للحزب عقد دورة المجلس الوطني للحزب «في الأيام القليلة المقبلة» لانتخاب الأمين العام واللجنة التنفيذية٬ مشيراً إلى «الجو الإيجابي الذي مرت فيه أعمال المؤتمر»، فيما شدد منافسه حميد شباط على «أهمية الحفاظ على وحدة الحزب وتماسكه»، قائلاً: «ما زلت أنا والفاسي مرشحين لمنصب الأمانة العامة للحزب، وسندبر أمورنا بحكمة وتبصر». وأوضح أكثر من مصدر أن وقائع المؤتمر السادس عشر مثلت تحولاً في تجارب الحزب الوفاقية، خصوصاً أن المرشح للأمانة العامة كان يخضع لحوار واسع النطاق يراعي الكثير من المعطيات والتوازنات، أكان ذلك على صعيد امتدادات نفوذ الحزب في المدن والأقاليم والأرياف أو على صعيد العلاقة مع السلطة وباقي شركاء الحزب في تحالفات الغالبية أو المعارضة. وعرف عن «الاستقلال» أن زعامته ظلت موزعة بين أصول اجتماعية وثقافية تمحورت عند المدن التاريخية خصوصاً فاس ومراكش، فيما دأب الجيل الجديد لقيادييه على ربط الزعامات بخلفيات سياسية. غير أن ترشح شباط الزعيم النقابي قلب المعادلة، وإن كان يتولى عمادة مدينة فاس منذ ولايتين على الأقل. وشكل اختياره لقيادة الذراع النقابية للحزب «الاتحاد العام للعمال» تحولاً في مسار العلاقة بين المرجعتين السياسية والنقابية. غير أنها المرة الأولى الذي يبدي فيها زعيم نقابي طموحاً سياسياً. واستحوذت تطورات مؤتمر «الاستقلال» على جانب كبير من اهتمام النخب السياسية، من جهة لأنه يشارك في الحكومة التي يقودها زعيم «العدالة والتنمية» عبدالإله بن كيران وأي تغيير في توجهاته قد يضعف الائتلاف الحكومي الراهن، ومن جهة ثانية لأن تداعيات الوضع الداخلي للحزب سيكون لها تأثير على الاستحقاقات الانتخابية المقبلة.