شكل إعلان وزير العمل الفرنسي ميشال سابان تجاوز عدد العاطلين من العمل في فرنسا مستوى ثلاثة ملايين شخص، أول اختبار قاس للسلطة الفرنسية الاشتراكية وقدرتها على تحقيق أحد أبرز شعارات الرئيس فرنسوا هولاند وهو النهوض بالاقتصاد الفرنسي. وعلى رغم أن هذا الرقم كان متوقعاً في ظل الجمود الاقتصادي المسيطر على فرنسا، فهو ينطوي على مغزى رمزي إذ يعيد إلى أذهان الفرنسيين أزمة البطالة الخانقة التي خبروها في التسعينات، كما يشكل اختباراً لقدرة الفريق الاشتراكي الذي تولى الحكم الربيع الماضي على إدارة الأزمة. وحاول رئيس الحكومة جان مارك إرولت التخفيف من وطأة الرقم الأعلى منذ 1990، بالقول لإذاعة «فرانس أنتير» إن عدد العاطلين من العمل «لا يشكل سبقاً صحافياً فهو معروف منذ الأسبوع الماضي»، وإذ دعا الإعلام إلى إبداء مزيد من التنبه في التعامل مع الموضوع. أقر ب «شدة وطأة هذا الرقم» وبكونه «مثيراً لقلق بالغ» قبل أن يستدرك قائلاً إن هذا «ما حمل الحكومة على دعوة البرلمان إلى الانعقاد في صورة مبكرة» الاثنين المقبل «للبحث في مشروع قانون حول وظائف المستقبل». وتراهن الحكومة على هذه الوظائف التي وعد بها هولاند في إطار حملته الانتخابية التي هي بنحو مئة ألف فرصة عمل لشباب غير مؤهل عملياً خلال 2013 وهي وظائف مدعومة من قبل الدولة وتقدَّر كلفتها بنحو 500 مليون يورو للسنة الأولى. وفي محاولة للتخفيف من وطأة هذا الملف أشار وزير الشؤون الأوروبية برنار كزنوف في تصريح له إلى عدم إمكانية «إصلاح سياسة اتبعت على مدى 10 سنين في غضون أربعة أشهر» وذلك في إشارة إلى سياسات الرئيس السابق نيكولا ساركوزي وسلفه جاك شيراك وكلاهما يميني. لكن السؤال الأساسي الآن هو الذي طرحه سابان بالقول: «هل ستتصاعد البطالة؟» قبل أن يجيب أنها «ستتصاعد بالطبع» إذ إن الإجراءات والقوانين التي ستقَر في هذا المجال ستخفف من وطأة التردي على صعيد سوق العمل، لكنها لن تلجم البطالة التي تتطلب نسبة نمو تقدر بنحو 1.5 في المئة وهي نسبة من الصعب على فرنسا بلوغها وفق المؤشرات المتوافرة حالياً. النمو وتفيد الأرقام بأن نسبة النمو في فرنسا ستصل بالكاد إلى واحد في المئة في 2013، في حين أن المؤسسات الإنتاجية الفرنسية تواجه صعوبة بالغة في تجنب خطط خفض الوظائف من اجل التأقلم مع الأوضاع الاقتصادية المعقدة. ويقر إرولت بأن التحسن الفعلي للوضع رهن بتطبيق الإصلاحات الهيكلية التي تعتزم الحكومة اعتمادها لتحريك النمو، لافتاً إلى الأبعاد الأوروبية للأزمة والتي تستدعي على حد قوله «مشاورات مع شركائنا الأوروبيين» وأن الوضع يتطلب «جهوداً سنقوم بها»، رافضاً الحديث عن خطة تقشف للسيطرة على العجز والمديونية. ومن غير الواضح الآن طبيعة الجهود التي تحدث عنها إرولت وكيف سيكون في إمكان حكومته دفع الوضع إلى التحسن من دون اللجوء إلى التقشف فيما بدأ الرضا الشعبي الذي واكب وصول هولاند إلى الحكم بالتلاشي. وأفاد استطلاع للرأي نشرته صحيفة «ليبيراسيون» بأن شعبية هولاند وإرولت تراجعت إلى 55 في المئة لكل منهما وأن نسبة مؤيدي هولاند انخفضت بنسبة اثنين في المئة ونسبة مؤيدي إرولت نحو تسعة في المئة.