قدّرت مصادر مصرفية الأصول التي تديرها الشركات العائلية في دول الخليج، بتريليوني دولار، ما يؤهلها لمساعدة الحكومات والمؤسسات الرسمية وشركات القطاع الخاص على تجاوز أي أزمات تطرأ على الاقتصادات، وهي اكتسبت هذه القدرات نتيجة السياسات التوسعية المحافظة خلال سنوات عملها. وتشكل الشركات العائلية ما بين 70 و90 في المئة من القطاع الخاص في منطقة الخليج، وتختلف درجة تطورها تبعاً لعمرها وللاقتصاد والقطاعات التي تعمل فيها. وأكد خبير الاقتصاد ناصر السعيدي في تصريح الى «الحياة»، أن «الشركات العائلية ساهمت في شكل كبير في استقرار اقتصادات دول المنطقة خلال الأزمة المالية العالمية نتيجة محافظتها على اليد العاملة، هي التي تستوعب أكثر من 70 في المئة من إجمالي اليد العالمة في المنطقة»، مشيراً إلى أن «هذا النوع من الشركات ساهم خلال المرحلة الماضية في تنويع مصادر الدخل، بعيداً من النفط الذي يشهد تقلبات كبيرة». وأكدت دوائر اقتصادية أن القيم والمبادئ التي تبني عليها العائلات الخليجية شركاتها أتت بعد بروز أزمة الأسواق المالية، إذ استطاعت أن تصمد أمام الآثار السلبية نتيجة حرص المالكين على عدم الخوض في استثمارات ذات أخطار عالية أو متوسطة، على اعتبار أن الموروثات العائلية من السلوك والتشديد والانضباط المهني والعملي والإداري، أسفرت عن إضفاء نوع من الأمان والثقة في دخول المشاريع وطُرق الاستثمار، ما وفر لها حاجز حماية أمام الهزات الاقتصادية التي يشهدها العالم. ويُعزى نجاح الشركات العائلية الخليجية إلى العمل والتوسع المدروس في قطاعات مختلفة أهمها التجارة والخدمات، كما شكلت الخط الثاني في الاستثمارات بعد الحكومة، من خلال تواجدها في أهم القطاعات، منها التجزئة وتجارة الجملة والبناء والصناعة وقطاع العقارات والسيارات. وقدَّر تقرير سابق لمؤسسة «ارنست أند يونغ» أن 27 في المئة من الشركات العائلية في المنطقة العربية «تنشط في قطاع التجزئة وقطاع الاستهلاك، بينما يعمل 48 في المئة منها في البناء والعقارات، و32 في المئة في الصناعة». وشدّد السعيدي على أهمية مساهمة الشركات العائلية في بناء المشاريع الكبرى في المنطقة العربية عموماً، التي تحتاج إلى 115 بليون دولار سنوياً لتطوير بنيتها التحتية من مياه وكهرباء ومطارات وطرق ومواصلات، كما أن أقطاباً اقتصادية تحض الحكومات على فتح قطاعات مهمة أمام القطاع الخاص، سواء في النفط والغاز أو في الصناعة التحويلية والزراعة وصولاً إلى الخدمات وغيرها. الشركات عبر الأجيال وحذر خبير قانوني واقتصادي أميركي من وجود أخطار فعلية لتفتت الشركات العائلية في الخليج، بفعل الصراعات الطبيعية بين الأجيال، مشيراً إلى أن التجربة العالمية أظهرت أن 95 في المئة منها، والتي تشكل أكثر من 85 في المئة من إجمالي مؤسسات المنطقة، تتقوّض بعد الجيل الثالث. وكان الشريك في مكاتب «ويزرز» الأميركية القانونية جوزيف فيلد، قال إن «الحجم السريع لتزايد ثروات المنطقة سيقود إلى إنهاء تلك الشركات، كما أن طبيعتها العائلية قد تكون مسؤولة عن بعض الظواهر السلبية في أسواق المال في المنطقة». وعلى رغم أهمية هذه الشركات، إلا أنها تواجه تحديات كثيرة، منها أن ثلثها فقط استمر حتى الجيل الثاني و13 في المئة للجيل الثالث وأربعة في المئة حتى الجيل الرابع. وبهدف الحفاظ على هذه الشركات أطلقت دبي أخيراً «شبكة للشركات العائلية في دول مجلس التعاون لدعم الشركات وتطويرها من خلال التواصل في ما بينها وتبادل الخبرات والأفكار البناءة لتحقيق الفائدة المتبادلة، وتنمية أعمالها وتوسيع أنشطتها التجارية والاستثمارية محلياً، ليكون لها الدور الفاعل في تعزيز اقتصادات دول المنطقة وحمايتها. وأكد الرئيس التنفيذي ل «مركز دبي المالي العالمي» رئيس مجلس إدارة «بنك المشرق» عبد العزيز الغرير، أن «الشبكة الخليجية للشركات العائلية هي الفرع المحلي لشبكة الشركات العائلية العالمية، وهي أول شبكة من نوعها في الشرق الأوسط تدرك التنوع التاريخي والثقافي للشركات العائلية في المنطقة وتسعى إلى معالجة القضايا الاقتصادية وتهدف إلى الترويج للشركات العائلية كنموذج مستدام للأعمال.