دأبت الغالبية في المجتمعات العربية - من الرجال خصوصاً - على الاستهانة إلى حد كبير بالطبخ كفعل، وليس بالطعام. وذلك كنوع من الامتهان لكل ما يأتينا بشكل خدمة سميت ب «شغل البيت»، وبطبيعة الحال الانتقاص من هذا العمل كون المرأة عادة هي من تقوم به لأسباب وتراكمات تاريخية كثيرة. وحينما نقول اليوم إن أكثر الكتب مبيعاً هي كتب الطبخ بأنواعه لا يعني ذلك سوى التقدير لكل من يقوم ب «شغل البيت» أو يقدم الطعام بأنواعه في أي مكان، ما يجعل المثقفين وغيرهم ممن تطبع لهم مختلف أنواع الكتب والروايات - التي تعاني ضعف التوزيع في العالم العربي - يبدون جاحدين لما ادعوا اهتمامهم به. في الإمارات مثلاً، تأتي مبيعات كتب الطبخ في الطليعة في المناسبات المختلفة مثل رمضان والعيد وعيد الفصح والميلاد، بينما تبقى في المقدمة عموماً طوال السنة في الترتيب الثاني. كتب الشاشة يقول مدير معرض الطبخ جاد الفقي إن الإماراتيين يميلون إلى كتب بعينها مثل «الطبخ الميسر» و «الإبداع للمطبخ» و «سراريد» لخلود العتيق، كون هذه الكتب تحوي الوصفات الإماراتية والخليجية. إلا أن نسبة الزبائن من الجنسيات العربية الأخرى والغربية ليست بقليلة. ويلاحظ التداخل في أنواع الكتب المطلوبة بين جميع الجنسيات كبيراً، لكن كتب الطبخ باللغة العربية عادة ما تكون مدفوعة بسطوع نجم «الشيف». يقول: «كلما زادت شهرة برنامج طبخ وحظي بقناة مثل «قناة أبوظبي» أو «فتافيت» أو «قناة دبي»، فإن أي كتاب يصدره نجم البرنامج يلقى نجاحاً باهراً. ويأتي في الإمارات عموماً كتاب «مطبخ منال العالم» الذي نشرته في 2007 في طليعة المبيعات شهرياً، بينما تصدر كتابها الجديد للوصفات الرمضانية هذه السنة أيضاً قائمة الكتب المطلوبة إذ تزامن وبرنامجها الناجح على شاشة تلفزيون أبوظبي وقناة MBC وغيرها من المحطات، فيما تراجعت مبيعات كتب الشيف أسامة السيد صاحب البرنامج الذي كان ناجحاً حين عرض منذ فترة على تلفزيون دبي بعنوان «مع أسامة أطيب». وتفعل الدعاية بأنواعها فعل السحر لتسويق كتب دون أخرى، مثل كتاب «سراريد» الذي أصبح مطلوباً مع الرعاية الكبيرة للكتاب من قناتي دبيوأبوظبي، بيد أن بعض الكتب الأخرى - وإن خفت الاهتمام بمشاهدة برامج طهاتها أو اختفوا عن الساحة في عيون جمهور الإمارات - ما زالت تزاحم على الصدارة، وأهمها كتاب «حورية المطبخ» باسم البرنامج نفسه على قناة «فتافيت» لحورية زنون، و «سفرة أناهيد» لأناهيد دونيغيان التي اشتهرت بحلقات برامجها على قناتي «المستقبل» و «أبوظبي». للطعام الخليجي خصوصيته، وفي الإمارات يقبل أهل البلد على أنواع من حول العالم مع جنسيات عدة، بيد أن الإعزاز لطعامهم لا يختفي، وكعادة البحث عن الرفاهية وكل ما هو مميز جاء كتاب «أطباق النخبة» للسعودية أمل بنت يحي الجهيمي ثاني أكثر الكتب مبيعاً في أواخر رمضان، وكتاب «الطبخ الميسر» لفاطمة بنت محمد و «سراريد» لخلود العتيق. ويشير الفقي إلى أن عالم كتب الطبخ والحلويات شاسع ومتداخل في الإمارات، إذ أن السوق متنوع بأطياف الجنسيات الكثيرة التي لا تمانع، بل وتحبذ ولوج مذاقات جديدة من بلدان العالم. تطوير فندقي يقول مسؤول قسم الكتب الإنكليزية في مكتبة «جرير» روني ماليوات إن الأجانب يهتمون بشكل خاص بكتب الطبخ والحلويات في فترات نهاية الأسبوع، ويميلون إلى كتب الطعام الصحي، كما أن الفنادق، في السنوات الثلاث الأخيرة، أصبحت تتطلب كتباً كهذه. ويضيف: «يبدو أن كثيراً من نزلاء الفنادق في الإمارات يهتمون بصحتهم ولياقتهم، وأصبحت الفنادق تطلب كتباً من أبرزها «Healthy Appetite « لصاحب برنامج «Hell's Kitchen» غوردان رامزي، و كتب Rachael Ray التي نفدت من أغلب أرفف المكتبات الكبرى في البلاد خلال هذا الشهر وبانتظار طلبيات منها، وأحدث كتاب يشهد إقبالاً هو لصاحب برنامج على شبكة BBC بعنوان «The Good Cook» للطاهي سايمون هوبكينسون. وفي مكتبة مجرودي الرائدة في الإمارات، يرى مدير فرع أبوظبي نوفي بورايز أن لا فرق ملحوظاً بين قارئ عربي وإنكليزي في ما يخص المطبخ، العادات الغذائية للمكان تفرض نفسها أحياناً. ويقول: «يحوي كتاب «The Arabian Nights» وصفات عربية تبدو مطلوبة لدى الغربيين والآسيويين متأثرين بأجواء رمضان وروائح الطعام عموماً في سائر أيام السنة بطبيعة الحال، وبالنسبة إلى الأوروبيين خصوصاً فإن كتاب «Anahid» في الصدارة عشقاً في مذاق المطبخ اللبناني، كذلك كتاب «Morrocan cooking»، كما أن العرب، خصوصاً الشابات، يشترون الكتب باللغة الإنكليزية».