بلغت قيمة المنافع الاقتصادية التي جنتها ألمانيا من الكفاءات الأجنبية التي عملت في البلاد بين عامي 1999 و2009 نحو 13 بليون يورو سنوياً، وفق تقديرات لمعهد «إيفي» الاقتصادي الألماني، القريب من أصحاب العمل. وبلغ عدد أصحاب الكفاءات الأجنبية خلال تلك الفترة 185 ألف خرّيج جامعي من الفروع العلمية و42 ألف طبيب. وقال مدير «المعهد» ميشال هوتر إنه يأمل كثيراً من البطاقة الخضراء التي اعتمدتها أوروبا، وتسمح للكفاءات واليد العاملة من خارج دول الاتحاد الأوروبي بالسفر إليها ابتداء من آب (أغسطس) المقبل، للبحث عن عمل فيها. وخفّضت ألمانيا في الأشهر الماضية بعض الشروط التي كانت وضعتها للسماح بممارسة العمل لتشجيع القوى العاملة في دول جنوب أوروبا، التي تعاني معدل بطالة عالٍ، على المجيء إلى البلاد. وعلى رغم أن عدد الآتين إلى ألمانيا من اليونان وإسبانيا للعمل ارتفع العام الماضي بنسبة 90 و52 في المئة على التوالي، مقارنة بالعام الذي سبقه، لا تزال هذه الأعداد قليلة نسبياً. ولفتتت الدراسة إلى أن من أصل 46 ألفاً و400 يوناني وإسباني قدموا، غادر 21 ألفاً. وذكر رئيس اتحاد الشركات الصغيرة والمتوسطة في ألمانيا، ماريون أوهوفن، أن استطلاعاً أجراه الاتحاد أظهر أن 65 في المئة من الشركات ترغب في توظيف قوى عاملة ماهرة فيها، مشيراً إلى أن اقتصاد الشركات الصغيرة والمتوسطة يخسر سنوياً نحو 30 بليون يورو، بفعل النقص في الاختصاصيين، ما كبح نمو الشركات. ندرة المحترفين الشباب وأضاف أن النقص في الكفاءات «لا يشمل المهندسين والمعلوماتيين، بل المحترفين الشباب الذين يصبحون بضاعة نادرة، بسبب التراجع الديموغرافي الحاصل في البلاد». وفي ما يشبه دقّ النفير، توقع أوهوفن أن يتراجع عدد العاملين في البلاد والذين تتراوح أعمارهم بين 20 و65 سنة من 50 مليوناً حالياً، إلى 43 مليوناً عام 2025. وحضّ حكومته على التفتيش عن بدائل سريعة، إضافة إلى استقدام يد عاملة من الخارج، لتأهيل 1.5 مليون شاب لم ينهوا دراستهم المهنية، وتقديم ضمان لعشرات آلاف النساء بإعادتهن إلى وظائفهن بعد انتهاء فترة الأمومة، وتأهيل مئات آلاف الشباب من أصل أجنبي عاطلين من العمل. ولحظ تقرير حول الهجرة إلى أوروبا صدر أواخر تموز (يوليو) الماضي عن المنظمة الأوروبية للتعاون الاقتصادي والتنمية أن ألمانيا التي ارتفع عدد المهاجرين إليها بنسبة 10 في المئة خلال العامين الماضيين، تتقدم الدول الأوروبية التي تستقطب مهاجرين. ويأتي البولنديون والرومانيون والبلغار في مقدمة المهاجرين إليها، ومنذ منتصف العام الماضي تشهد البلاد هجرة متزايدة من اليونان. وعزا مفوض العمل في الاتحاد الأوروبي لاسلو أندور سبب ازدياد الهجرة إلى ألمانيا «إلى التطوّر الجيد في سوق العمل فيها والانفتاح الذي يظهره البلد أكثر فأكثر إزاء المهاجرين من شرق أوروبا، بعد سنوات من التخوّف منهم». ورأى خبير الهجرة في المنظمة الأوروبية للتعاون الاقتصادي والتنمية توماس ليبيغ أن سبب الهجرة المتزايدة إلى ألمانيا من البرتغال وإيطاليا «هو نموها الاقتصادي النسبي في ظل تراجع اقتصادي شديد في معظم دول القارة»، معرباً عن اعتقاده بأن الوضع الجيّد الذي تشهده ألمانيا حالياً سيستمر. لكن رئيس المنظمة، أنغل غوريا، عقّب على ذلك بالقول: «إذا بقي عدد المهاجرين إلى ألمانيا على مستواه الحالي، وإن كان جيداً، فلن يكون كافياً لسد حاجات سوق العمل فيها بحلول عام 2015». ودعا رئيس المنظمة الأوروبية برلين إلى «تطبيق انفتاح أكبر على الهجرة».