لم تصدُق توقعات خبراء ألمان بتدفق عمال متخصصين كفوئين من دول أوروبا الشرقية إلى ألمانيا، قدّرها البعض بعشرات الآلاف شهرياً. وتنتظر سوق العمل الألمانية منذ فترة سدّ ثغرة كبيرة ومتنامية في اليد العاملة المؤهلة نتيجة استمرار تراجع الولادات في البلاد، وزيادة الطلب على الإنتاج الألماني في الخارج. وكانت الحكومة قرّرت بداية أيار (مايو) الماضي فتح سوق العمل أمام عمّال من ثماني دول في وسط أوروبا وشرقها، هي آيسلندا ولاتفيا وليتوانيا وبولندا وسلوفاكيا وسلوفينيا وتشيخيا وهنغاريا، بهدف سد النقص المتزايد في أعداد اليد العاملة المتخصصة لدى الشركات. وأوضح خبير الهجرة العامل في «معهد سوق العمل وبحوث المهن» في نورنبرغ تيمو باس، أن الذين جاؤوا إلى ألمانيا من الدول المعنية بحلول نهاية أيار لم يتجاوز عددهم 10 آلاف شخص، غالبيتهم من بولندا المجاورة. ورأى الباحث في المعهد ذاته هربرت بروكر أن «هذا العدد أقل بكثير من المتوقع»، وقال: «اليد العاملة من الدول المعنية لن تستطيع سد النقص الموجود في ألمانيا»، عازياً ذلك إلى أن دولاً مثل بريطانيا وإرلندا والسويد تفتح أبواب أسواق العمل لديها أمام هجرة العمّال والأكاديميين من الدول المذكورة منذ عام 2004. وأشار إلى أن «ألمانيا فقدت فرصة ثمينة، علماً أنها كانت تعاني عام 2004 من وجود خمسة ملايين عاطل من العمل، وكانت الانتخابات العامة على الأبواب». وبيّنت النشرة الاقتصادية الشهرية الصادرة عن «غرفة التجارة الصناعة العربية الألمانية» في برلين أن شركات ألمانية بدأت حملة تفتيش عن الكفاءات المطلوبة في دول جنوب أوروبا، مثل إسبانيا والبرتغال. ولفتت «شبكة الاتحاد الأوروبي» (يورس) إلى أن نحو 130 ألف إسباني يبحثون حالياً عن عمل خارج البلاد بسبب الأزمة الاقتصادية في بلادهم، حيث وصل معدّل البطالة إلى 21 في المئة، وإلى نحو 50 في المئة بين الشباب الذين تراوح أعمارهم ما بين 19 و25 سنة. وتحتاج ألمانيا حالياً إلى 73 ألف مهندس في مختلف الاختصاصات، وفقاً ل «اتحاد المهندسين الألمان»، وإلى عدد كبير من الأطباء والمؤهلين مهنياً في مختلف المجالات. وأوضح بيان ل «اتحاد أصحاب العمل الألمان» أن النقص في الباحثين في علوم الحساب والمعلوماتية والطبيعيات والتقنيات خلال تموز (يوليو) الماضي بلغ 154 ألف شخص. وازداد الطلب أخيرا على الأكاديميين الذين يواصلون العمل بعد بلوغهم سن التقاعد المحدّد رسمياً ب 65 سنة من 20 ألف شخص إلى 49 ألفاً. وتدعم وزارة الخارجية الألمانية حملة الشركات بقوة، إذ تنظم السفارة الألمانية في إسبانيا «أسابيع ألمانية» في مدريد وبرشلونة، بالتعاون مع «معهد غوته» و «مكتب التبادل الأكاديمي الألماني» و «غرفة التجارة الألمانية»، لتقديم المعلومات المطلوبة إلى الراغبين في الاطلاع على مجالات العمل في ألمانيا وشروطه.