يعيش آلاف من الشبان والشابات السعوديين حالاً من الارتباك والقلق حيال المستقبل الذي سيواجههم قبل أن يختاروا تخصصهم الجامعي. وإذ ينطلق الفصل الدراسي الأول لطلاب السعودية منتصف شهر أيلول (سبتمبر) المقبل، يترتب على الطلاب أن يبدأوا رحلتهم في تكوين مستقبلهم. ويؤكد العديد من المتخرجين أنهم وقعوا في حيرة من أمرهم أثناء التفكير في اختيار التخصص الجامعي، خوفاً من دخول مجال لا يتواءم مع فكرهم وتوجهاتهم وقدراتهم، وربما يجعلهم ينضمون إلى صفوف العاطلين». ودفعت معاناة الطلاب والطالبات في السعودية في اختيار التخصص إلى أن تقوم مجموعة من طلاب جامعة الملك سعود بإنتاج فيلم (نشر على موقع اليوتيوب) ليكون دليلاً لكل من يتعثر في اختيار تخصصه. وكشف الفيلم أن نصف الطلاب والطالبات السعوديين اختاروا تخصصات مختلفة عن رغبتهم الشخصية، بل إن 25 في المئة يكرهون تخصصاتهم التي اختاروها، أما «الشبح» الذي يتخوفون منه فهو البطالة، في حال كان تخصصهم غير مطلوب في سوق العمل. وكشف الطلاب أن من الأسباب التي تربك الطالب في اختيار التخصص، ضيق الوقت، أو ضغوط الاهل والأقارب، أو الوجاهة الاجتماعية، أو عدم تلبية بعض الجامعات للتخصص المرغوب إما لانه غير موجود أصلاً أو لعدم توافر مقاعد. ولكن يحتار الطلاب احياناً لانهم ببساطة يعيشون في هذه المرحلة «تخبطاً ذاتياً» فيختارون أي تخصص. وأشار الفيلم الذي أنتجه طلاب الجامعة الى أنه أثناء تفكيرك باختيار التخصص، يجب أن تضع في حسبانك أموراً عدة وتلغي تصورات أخرى من بالك، فأولاً يجب أن تضع سعادتك في سلم الأولويات وأن تلغي نظرة الناس من تفكيرك، وأن يعود القرار الأول والأخير للطالب نفسه، لأن ما هو على المحك فعلاً هي «حياته». ووضع الطلاب مجموعة نصائح وخرافات حول تحديد التخصص، ومن النصائح (أعرف نفسك)، اذ إن كثيرين من الشباب لا يعرفون «ما قيمته، وما أهدافه بعد عشرة أعوام، والأشياء التي يحبها، والأعمال التي تحقق له السعادة». وغالباً ما يتلعثم الشاب ولا يجد إجابة سريعة لهذه الاسئلة، لذا يدعوه معدو الفيلم إلى أن يكتشف ذاته بحيث يعرف ميوله وقدراته، فالتخصص المثالي هو الذي يحقق للطالب الأمرين «ميولك وقدراتك»، من خلال معرفة الفرص، والبحث عن التخصص والجامعة المناسبة، ومعرفة جميع التخصصات بعد قراءتها في شكل دقيق، ومن ثم الاختيار بعيداً من آراء الناس التي تشتت الفكر، فيما أكبر جريمة هي محاولة اقناع الطالب الذي اختار تخصصه بأنه «تخصص ضعيف، وليس له مستقبل»، لأن التخصص الذي سيختاره بناءً عن رغبة شخصية يمكّنه مستقبلاً من أن يصنع «الف فرصة لنفسه». ومن الشائع في الجامعات السعودية، أن يغير الطلاب فجأة تخصصهم بعد 3 أو 4 فصول في الجامعة. وأحياناً يغيرون الجامعة بالكامل، ما يهدر الوقت، ويتسبب في خسائر اقتصادية ليس فقط للطالب أو ذويه وإنما للدولة. وتشير إحصاءات غير رسمية الى أن الطالب الجامعي الواحد يكلف الجامعة نحو 100 ألف ريال سنوياً، وهي كلفة ترتفع في التخصصات العلمية كالطب والهندسة وعلوم الكومبيوتر. ويعيش طلاب وطالبات الثانوية تحولات جذرية بعد الانتقال إلى الحياة الجامعية التي لا يستوعب كثيرون منهم تفاصيلها، بحسب طلاب تحدثوا ل «الحياة»، خصوصاً أنهم لم يلقوا التوجيه الكافي في المراحل الدارسية الأولى عن حياة الجامعة وكيفية اختيار التخصص وطبيعة الدراسة. وطالب عدد من الطلاب بإيجاد آليات تساهم في اختيار التخصص في مراحل مبكرة، مثل إعداد برامج أكاديمية وترفيهية تساعد الطالب على اختيار التخصص، ووضع تصور مختصر عن مؤسسات التعليم العالي والتخصصات التي يمكن الحصول عليها بسهولة في السعودية، وتأسيس ملتقيات ومعارض تجمع طلاب وطالبات المرحلة الثانوية بطلاب الجامعات وأساتذتها، وتنظيم زيارات لطلاب الثانوية إلى عدد من مؤسسات التعليم العالي.