تأكيداً لسلامة اقتصاد البحرين وحيويته، أصدرت الوكالة الإسلامية الدولية للتصنيف قبل أيام تقريراً جديداً حول التصنيف الائتماني للمملكة منحتها بموجبه تصنيف (-A) للديون الطويلة الأجل بالعملات الأجنبية والمحلية، ومنحت الوكالة المتخصصة على المستوى الدولي في التصنيف الائتماني الإسلامي، نظرة مستقبلية (مستقرة) على المستويات كلها. وأكدت الوكالة أن الاقتصاد البحريني تمتع بالقوة والمرونة في مواجهة الأزمة الاقتصادية العالمية عام 2008، ونجح في تحقيق نمو إيجابي خلال هذه الفترة. وعلى رغم الأحداث التي مرت بها المملكة في السنوات التي تلت الأزمة الاقتصادية العالمية، استمر النمو الإيجابي للاقتصاد وإن كان بمعدلات أقل من المخطط له، وكان أقلها عام 2011 حين بلغ 2.2 في المئة فقط، لكن التوقعات كلها تشير إلى معاودة المملكة تحسين معدلات نموها الإيجابي هذا العام، خصوصاً مع النظرة الإيجابية إلى أسعار النفط على رغم التراجع الراهن بسبب تفاقم أزمة منطقة اليورو. وسبق أن أشرنا إلى بعض جوانب الخلل في التصنيفات الائتمانية الصادرة عن مؤسسات التصنيف الدولية تجاه البحرين، إذ لم تراعِ هذه التصنيفات الأساسيات المتينة للاقتصاد البحريني، وهي أساسيات بنِيت على برامج تنموية ممتدة لعشرات من السنين، وهذا الجانب هو ما نوّهت به الوكالة الدولية الإسلامية للتصنيف، التي اعتمدت في تحليلها للاقتصاد البحريني في الفترة المقبلة على ارتفاع مستويات معدل الدخل الفردي والذي يضع البحرين من ضمن الدول العالية الدخل مع نصيب سنوي للفرد من الدخل القومي عند 17 ألفاً و763 دولاراً، إلى جانب المعدلات المرتفعة للسيولة في المصارف البحرينية، وارتفاع أسعار النفط على المستوى الدولي والذي يعد مؤشراً مهماً لدخل المملكة. واستفاد الميزان التجاري البحريني العام الماضي من انخفاض الواردات غير النفطية إذ بلغت نسبة الفائض التجاري 29.2 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في حين بلغت نسبة الفائض في الحساب الجاري 12.6 في المئة من الناتج، ويتوقَّع أن يشهد الفائض تحسناً مستمراً خلال السنوات المقبلة، وفق الوكالة، التي توضح أن الجهود التي تبذلها الحكومة البحرينية لتنويع مصادر الدخل والنشاطات الاقتصادية انعكست في شكل إيجابي على هيكل الصادرات والدخل فباتت الصادرات غير النفطية تمثل نحو ثلث إجمالي الصادرات، كما أن النفط أقل من ثلث الناتج المحلي الإجمالي، ويأتي 80 في المئة من العائدات الإجمالية للمملكة من صادرات قطاع النفط والغاز. وتشير الوكالة إلى الوضع الجيد للقطاع المصرفي البحريني الذي يساهم بنحو 25 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، فالمصارف التجارية، كما تؤكد بيانات بورصة البحرين، كانت الحافز الأول لارتفاع أرباح الشركات المدرجة في السوق عام 2011، وتظهر البيانات المالية للمصارف التي أعلنت عن نتائجها للنصف الأول من العام، أنها حققت أرباحاً جيدة، كما حافظت المصارف في البحرين على مستويات آمنة وبلغ حجم السيولة في المصارف ما متوسطه 12 في المئة، وهي نسبة مرتفعة مقارنة بالمتوسطات العالمية. ويُتوقَّع أن يواصل مصرف البحرين المركزي دعمه للقطاع المصرفي المحلي، واتخاذ الإجراءات الهادفة إلى تعزيز الثقة في قطاع المال والمصارف، خصوصاً من خلال تقوية بنيته التشريعية والرقابية، وتقديمه مزيداً من التسهيلات للقطاع الخاص من خلال نوافذ تؤمّن السيولة له، علاوة على مواصلة تقديم الدعم إلى المؤسسات الصغيرة والمتوسطة وقطاعات الاقتصاد كلها، لتتكاتف الجهود كلها في استعادة النشاط الاقتصادي، وتعزيز المكانة الاقتصادية والمالية لمملكة البحرين. وشهد عام 2011 تحسناً على مستوى جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة إلى المملكة إذ ظلت معدلات التضخم تحت السيطرة وثبُتت أسعار الدينار المربوط بالدولار ما أضفى استقراراً على الإيرادات النفطية المقومة بالدولار، خصوصاً مع بقاء أسعار العملة الأميركية عند مستويات تنافسية مقارنة بالعملات الرئيسة الأخرى في العالم. ويُتوقَّع أن يشهد الإنفاق الحكومي توسعاً كبيراً نتيجة الدعم الخليجي لمشاريع التنمية والبنية التحتية، علاوة على تأمين الآلاف من الوظائف للبحرينيين، ما من شأنه تقوية الطلب المحلي وزيادة معدلات الاستثمار في المملكة، وتوفير فرص للمصارف في البحرين للتمويل والاستثمار. ستواصل المملكة خلال 2012 تنفيذ العديد من البرامج والمبادرات الإصلاحية الطموحة، تجسيداً ل «الرؤية الاقتصادية 2030»، إلى جانب الجهود المبذولة في مجال تحسين بيئة الاستثمار، خصوصاً في مجال تسهيل منح رخص مزاولة الأعمال وخفض كلفتها، ورفع درجة الشفافية في المناقصات الحكومية والحسابات المالية للحكومة. * رئيس «اتحاد المصارف العربية»