أظهرت دراسة شاملة أعدها اتحاد المصارف العربية حول القطاعين المالي والمصرفي في دول مجلس التعاون الخليجي، كثيراً من المؤشرات التي تدل على حيوية الاقتصاد البحريني، وتمكنه من الحفاظ على وضعه التنافسي إقليمياً وعالمياً. فالاقتصاد البحريني أظهر أداء جيداً عام 2010، إذ بلغ معدل النمو نحو خمسة في المئة، وعلى رغم تراجع النمو إلى نحو اثنين في المئة عام 2011، توضح الدراسة أن معدل النمو لعام 2012 سيعود إلى مستوى عام 2010، مدعوماً بعوامل عديدة، أولها ارتفاع حجم الصادرات التي تغلب عليها المنتجات النفطية، علاوة على الصادرات غير النفطية، وثانيها توقعات بأن تظل أسعار النفط، والتي تلعب الدول الخليجية دوراً حيوياً في استقرارها عالمياً، مرتفعة خلال الأشهر المقبلة بفضل زيادة العديد من الدول وارداتها من النفط والغاز الطبيعي في دول الخليج بمقدار 2.8 ضعف منذ عام 2000، وبمقدار 6.1 ضعف من قبل دول آسيا، باستثناء اليابان، خلال الفترة ذاتها. وبهذا يتبيّن أن الطلب على النفط يمكن اعتباره من أهم المؤشرات القائدة للنمو. ويتوقَّع أن يرتفع إجمالي حجم الإنفاق البحريني عام 2011 بنسبة 20 في المئة، ما يتيح فرصاً كبيرة أمام تنفيذ كثير من المشاريع وتنشيط الأوضاع المالية والاقتصادية، إذ يرجَّح تنفيذ مشاريع كبيرة في مجال البنية الأساسية. كذلك سلط تقرير التنافسية العالمي 2011 - 2012 الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي، الضوء على العوامل والتحديات الراهنة المؤثرة في القدرة التنافسية في العالم العربي. ففي هذا الإطار، حافظت البحرين على مكانتها بين الاقتصادات ال 40 الأكثر تنافسية عالمياً، وجاءت في الترتيب 37. وفي المجال المصرفي، لا تزال مصارف البحرين تحافظ على حصتها من السوق المصرفية الخليجية والعربية، إذ احتلت البحرين المركز الثالث خليجياً لجهة إجمالي الموجودات المصرفية (نحو 200 بليون دولار أو نحو تسعة أضعاف الناتج المحلي الإجمالي). وظهر مصرفان بحرينيان على قائمة أكبر مئة مصرف عربي وثمانية مصارف بحرينية على قائمة أكبر ألف مصرف عالمي. وتحوز الموجودات المصرفية في البحرين على حصة نسبتها نحو 14 في المئة من دول المجلس ونحو ثمانية في المئة من إجمالي أصول مصارف الدول العربية. وتبلغ مساهمة القطاع المصرفي والمالي نحو 27 في المئة من إجمالي الناتج المحلي في البحرين، ما يشير في شكل واضح إلى أهمية هذا القطاع في التنمية الاقتصادية المحلية. وتقدّم المؤشرات الاقتصادية والمالية في البحرين كلها دعماً جيداً لأداء المصارف التجارية ومصارف الجملة في البحرين خلال عام 2012، خصوصاً مع ارتفاع أسعار النفط بنحو 30 في المئة خلال الأشهر الماضية، وتوقع ارتفاع الناتج المحلي الإجمالي بنحو خمسة في المئة عام 2012. وبدأ عدد من المصارف الرئيسة في البحرين إعلان نتائجه لعام 2011، وجاءت النتائج وكما هو متوقع جيدة في صورة عامة وتعكس متانة أوضاع هذه المصارف. ويذكر في هذا الصدد أن المصارف في البحرين خطت خطوات جريئة وشفافة عام 2011 لتنظيف موازناتها من الديون المتعثرة وبناء مخصصات قوية، وعززت قواعد الشفافية والحوكمة وإدارة الأخطار لديها، وهي كلها خطوات ستنعكس إيجاباً على أداء المصارف التجارية عام 2012. ويتوقَّع قيام «مصرف البحرين المركزي» بمواصلة دعمه للقطاع المصرفي المحلي في مواجهة تداعيات الأحداث السياسية في البحرين، واتخاذ الإجراءات الهادفة إلى استعادة الثقة في قطاع المال والمصارف، خصوصاً من خلال تقوية بنيته التشريعية والرقابية، وتشجيعه على تقديم مزيد من التسهيلات للقطاع الخاص من خلال نوافذ تؤمّن السيولة له، علاوة على مواصلة تقديم الدعم إلى المؤسسات الصغيرة والمتوسطة وقطاعات الاقتصاد كلها، لتتكاتف الجهود كلها في استعادة النشاط الاقتصادي، وتعزيز المكانة الاقتصادية والمالية للبحرين. ويرجَّح أن يشهد الإنفاق الحكومي توسعاً كبيراً نتيجة الدعم الخليجي لمشاريع التنمية والبنية التحتية، علاوة على تأمين الآلاف من الوظائف للبحرينيين، بما يعزز الطلب المحلي ويزيد معدلات الاستثمار في المملكة لتأمين فرص سانحة للتمويل والاستثمار للمصارف في البحرين. وستواصل المملكة عام 2012 تنفيذ العديد من برامج الإصلاح ومبادراته الطموحة تجسيداً ل «الرؤية الاقتصادية 2030»، إلى جانب الجهود المبذولة في مجال تحسين بيئة الاستثمار، خصوصاً في مجال تسهيل وخفض كلفة منح رخص مزاولة الأعمال، ورفع درجة الشفافية في المناقصات الحكومية والحسابات المالية للحكومة. * رئيس «اتحاد المصارف العربية»