بدأ عدد من مصارف البحرين الرئيسة المدرجة في سوقها للأوراق المالية، مثل «بنك البحرين الوطني» و «المؤسسة العربية المصرفية» و «البنك الأهلي المتحد»، بإعلان نتائجه المالية للنصف الأول من السنة. وتظهر هذه النتائج تحقيق أرباح طيبة ومرتفعة، مقارنة بنتائج النصف الأول من عام 2010، ما يؤكد تجاوز المصارف في البحرين للأحداث السياسية الطارئة التي شهدتها البحرين خلال الأشهر الماضية. ويُتوقع أن تعلن بقية المصارف عن نتائج مماثلة خلال الأيام المقبلة. وتعطي النشرة الشهرية التي يصدرها مصرف البحرين المركزي، مزيداً من الدلالات على صمود الاقتصاد البحريني أمام الأحداث السياسية، ومواصلته النشاط والنمو خلال الشهور الخمسة الأولى من السنة، إذ يلاحظ أن مستويات السيولة المحلية، وهي مؤشر مهم جداً لحيوية الاقتصاد والنشاط الاقتصادي، حققت زيادات ملحوظة خلال تلك الفترة من العام مقارنة بنهاية عام 2010، فارتفع عرض النقد بمفهومه الضيق من 2.304 بليون دينار (4.3 بليون دولار) في كانون الأول (ديسمبر) 2010، إلى 2.634 بليون دينار(4.9 بليون دولار) في أيار (مايو) 2011. وفي ما يخص موازنة مصارف التجزئة، وهي المصارف العاملة في السوق المحلية، تظهر النشرة الشهرية لمصرف البحرين المركزي حدوث ارتفاع خلال الشهور الخمسة الأولى من السنة، إذ بلغ مجموع الموجودات 24.6 بليون دينار في أيار، مقارنة ب 24.4 بليون في كانون الأول 2010. وبتفحص الموازنة يُلاحظ أن جملة الارتفاع حدثت في الودائع ما بين المصارف، وهو بند سريع التفاعل مع الأحداث، وعودته إلى الارتفاع تعني عودة ثقة المصارف الخليجية والعالمية بمصارف البحرين وإعادة التعاملات الطبيعية معها. كما ارتفعت التسهيلات الممنوحة من المصارف لقطاع الأعمال من 6.545 بليون دينار في كانون الأول 2010 إلى 6.606 بليون دينار في أيار 2011. وهذه مؤشرات أكيدة إلى أن آليات النمو الاقتصادي في السوق المحلية كانت تعمل بخير طوال أيام الأزمة، ومن المتوقع أن يتسارع نموها خلال الأيام المقبلة. وكما أشرنا سابقاً، فان تحسن القطاع المالي في البحرين يعتبر أحد المؤشرات الرئيسية لتعافي الاقتصاد الوطني، بخاصة أن نسبة مساهمة القطاع المالي في الناتج المحلي الإجمالي تبلغ نحو 27 في المئة عام 2010. وبلغت الموازنة الموحدة للجهاز المصرفي (المصارف التجارية العاملة بالجملة والتجزئة والمصارف الإسلامية ومصارف الاستثمار وكلها 412 مؤسسة) في كانون الأول 2010 ما قيمته 222 بليون دولار وهي تعادل 11.2 مرة من الناتج المحلي الإجمالي، ما يعني متانة القطاع المالي في البحرين وضخامته. وفي التقرير الدوري الذي يصدره صندوق النقد العالمي حول آفاق الاقتصاد العالمي، نوه الصندوق في نيسان (أبريل) بكثير من الإنجازات والمؤشرات التي تؤكد سلامة الاقتصاد البحريني، وقدرته على التعافي والانتعاش السريع خلال الأشهر المقبلة. وأشارت توقعات التقرير إلى نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي للبحرين بنسبة تتراوح ما بين 3.5 وأربعة في المئة خلال عام 2011، كما يُتوقع ارتفاعه إلى 5.3 في المئة خلال عام 2012. ومع ارتفاع أسعار النفط ومستويات إنتاج النفط يتوقع تحسن الموازين المالية والخارجية للبحرين بصورة ملحوظة خلال عامي 2011 و2012. تقدّم كل المؤشرات الاقتصادية والمالية في البحرين دعماً جيداً لأداء المصارف سواء التجارية أو الجملة في البحرين خلال عام 2011، خصوصاً مع ارتفاع أسعار النفط بنحو 30 في المئة خلال الأشهر الماضية. كما أن الإنفاق الحكومي يشهد توسعاً كبيراً نتيجة مواصلة الإنفاق على مشاريع التنمية والبنية التحتية، علاوة على تأمين آلاف الوظائف للبحرينيين، وهذا من شأنه تقوية الطلب المحلي وزيادة معدلات الاستثمار في البحرين. وإزاء هذه المؤشرات الاقتصادية والمالية الإيجابية، يُتوقع أن تعيد مؤسسات التصنيف الدولية خلال الأشهر القليلة المقبلة النظر في التصنيفات التي أعطتها إلى البحرين قبل شهور، وإعادة تلك التصنيفات إلى مستوياتها العادية. وهذا ما سيُحسب إنجازاً جديداً لاقتصاد البحرين يحققه في زمن قياسي. * رئيس مجلس إدارة اتحاد المصارف العربية