استبقت مصر زيارة مديرة صندوق النقد الدولي كريستين لاغارد المقررة الاربعاء المقبل بإعلان اعتزامها طلب زيادة قيمة قرض لسد العجز في الموازنة العامة من 3.2 بليون دولار إلى 4.8 بليون دولار، ما أثار انتقادات خصوصاً أن جماعة «الإخوان المسلمين» عارضت اقتراض الحكومات السابقة. وقال وزير المال ممتاز السعيد أمس إن القاهرة ستبحث في زيادة قيمة القرض، مشيراً إلى أن الحكومة طلبت أيضاً من واشنطن منحة قدرها 500 مليون دولار لدعم الموازنة العامة التي قال رئيس الوزراء هشام قنديل إنها تعاني عجزاً بلغ أكثر من 135 بليون جنيه (22.2 بليون دولار). وتطرح الخطوتان تساؤلات عن نجاعة التوجه الاقتصادي الذي ستنتهجه جماعة «الإخوان»، ومدى قدرته على تلبية تطلعات الشارع المصري الذي يموج بمطالب العدالة الاجتماعية، خصوصاً أن إتمام القرض سيكون مرهوناً بحزمة إجراءات تقشف. كما أن الجماعة عارضت دائما الاقتراض من الصندوق خلال المفاوضات مع حكومة كمال الجنزوري «لعدم تكبيل الحكومة بالديون». وذكر صندوق النقد في بيان أمس أن لاغارد ستزور مصر بناء على دعوة من المسؤولين المصريين. وفي ما بدا أنه استعداد لإقراض مصر، أوضح البيان أن «الزيارة تعكس الالتزام المتواصل من جانب الصندوق بدعم مصر وشعبها خلال هذه الفترة التاريخية من العملية الانتقالية». لكن خبراء اقتصاديين يلفتون إلى أن هذه الخطوة لا تختلف عن السياسات الاقتصادية للنظام السابق، ويحذرون من أن أعباء الاقتراض ستتحملها الأجيال المقبلة، خصوصاً أن القرض لن يخصص لضخ استثمارات جديدة أو خطط تنموية بل لسد عجز الموازنة. وقال الخبير الاقتصادي أحمد السيد النجار ل «الحياة» إن القرض هدفه «تحسين صورة الحكومة الجديدة من خلال تلبية بعض المطالب الاقتصادية، وفي هذا الأمر نظرة قصيرة المدى لا تضع اعتبارا للمستقبل». واعتبر أن زيادة قيمة القرض «أمر كارثي لأن غرضه تغطية عجز الموازنة العامة... كارثة على الأجيال المقبلة أن تحصل على قرض لتمويل عجز في الموازنة». ولفت إلى أن «هذا القرض سيخلق حالاً من الأداء الجيد الموقت لمصلحة الحكومة الحالية، لكنها ستتعرف على تبعاته السلبية في المستقبل». واعتبر أن بعض الشروط التي يطالب بها الصندوق من قبيل تطبيق سياسات التحرر الاقتصادي ستلقى صدى عند «الإخوان»، موضحا أن «هذه السياسيات ينتهجها حزب الحرية والعدالة». لكن رئيس اللجنة الاقتصادية في مجلس الشورى (الغرفة الثانية في البرلمان) النائب عن حزب «الإخوان» محمد الفقي رأى أن حصول الحكومة على القرض في هذه المرحلة «ضرورة». وقال إن حزبه «لم يرفض في السابق القرض في شكل مطلق، ولكن فقط أراد نوعاً من الوضوح والدقة لأن الحزب لا يجد مشكلة في التعامل مع المؤسسات المالية الدولية». وأضاف: «كنا فقط متحفظين عن توريط الحكومة الجديدة في ديون خارجية من دون التأكد من أننا استنفدنا كل السبل لسد العجز ولم تعد أمامنا إلا الاستدانة». وأشار إلى أن «الأمور في الوقت الراهن أصبحت أكثر وضوحاً فالظروف التي تركنا فيها النظام السابق كارثية والأجيال الحالية تعرضت لظلم تاريخي، فضلاً عن انتشار المطالب الفؤية ذات البعد الاجتماعي والاقتصادي ما يجعل يد صانع القرار مغلولة نوعاً ما في مسألة تدبير التمويل»، مشيرا إلى أن «الصندوق ليست له شروط اقتصادية لا تتماشى مع رؤية الحكومة».