يلخص تحفظ جماعة «الإخوان المسلمين»، صاحبة الغالبية البرلمانية في مصر والمرشحة لقيادة الحكومة المقبلة، عن قرض بقيمة 3.2 بلايين دولار وصلت بعثة من صندوق النقد الدولي إلى القاهرة أمس للإتفاق على شروطه، مأزق محدودية الخيارات التي تملكها أي حكومة مقبلة في تشكيل التوجه الاقتصادي للبلاد. ولن تتحمل الحكومة المقبلة فقط نتائج تراجع الأداء الاقتصادي على خلفية التدهور الأمني وغياب الاستقرار السياسي خلال العام الماضي فحسب، بل ستضطر إلى التعاطي مع تبعات تردد المجلس العسكري الحاكم في الاتفاق على حزمة المساعدات المطلوبة من الصندوق، ما رفعها من 1.3 بليون دولار إلى أكثر من ثلاثة بلايين، واعتماده على الاحتياط الأجنبي الذي تآكل أكثر من نصفه ليصل إلى 18 بليون دولار نهاية العام الماضي. وما يزيد الأمر صعوبة أن قبول حزمة صندوق النقد يعني تبني إجراءات لا تحظى بشعبية، على رأسها إعادة هيكلة الدعم، لا سيما دعم الطاقة الذي يلتهم نحو 20 في المئة من الموازنة. وعلى المدى الأبعد، سيلزم الحكومة المقبلة بجانب كبير من السياسات الاقتصادية لنظام الرئيس المخلوع حسني مبارك ويقلص هامشها للمناورة. لكن رغم تردد «الإخوان»، يبدو قبول هذه الحزمة حتمياً في ظل طلب الولاياتالمتحدة على لسان وزيرة خارجيتها هيلاري كلينتون قبل أيام من المانحين الدوليين «استخدام المساعدات الثنائية لمصر لدعم خطة صندوق النقد»، إضافة إلى تأكيد مسؤولين مصريين أن مانحين عرباً أساسيين ربطوا الإيفاء بتعهدات الدعم بقبول مصر ببرنامج الصندوق. وأعرب مسؤول حكومي أمس عن تفاؤله بأن المفاوضات مع بعثة الصندوق «تتجه نحو التوصل إلى اتفاق على برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي أرسلته مصر إلى الصندوق قبل أسبوعين». وأكد ل «الحياة» أن بلاده التي تحتاج 4.7 بليون دولار لتغطية عجز الموازنة ستحصل على بليون دولار من البنك الدولي ونصف بليون دولار من بنك التنمية الأفريقي. والتقت بعثة صندوق النقد أمس رئيس المصرف المركزي فاروق العقدة ورئيس حزب «الحرية والعدالة»، الذراع السياسية ل «الإخوان»، محمد مرسي لمناقشة شروط حصول مصر على القرض، وعلى رأسها موافقة البرلمان ومن خلفه الجماعة على إجراءات «الإصلاح الاقتصادي» المطلوبة. وأبدى مرسي تحفظه عن فكرة الاقتراض، منتقداً الحكومة «لعدم تدبير موارد بديلة». غير أنه لم يذهب إلى حد إعلان رفض حزبه القرض رسمياً، مؤكداً أن «الحرية والعدالة» ليس لديه أي موقف ضد التعامل مع صندوق النقد أو أي مؤسسة دولية أخرى. واكتفى بالقول ان «القرض يمثل عبئاً على الشعب المصري ومن حق الشعب أن يعرف مصارف إنفاقه وطرق سداده، والبرنامج المقدم من الحكومة حول القرض عام وإنشائي وليست فيه توضيحات كافية تمكن الحزب من دراسته في شكل وافٍ يساعده على اتخاذ القرار النهائي بما لا يزيد من أعبائه الاقتصادية والاجتماعية». ومن المفترض أن يعقد رئيس الحكومة كمال الجنزوري اليوم اجتماعاً مع وفد الصندوق في حضور وزير المال ممتاز السعيد ووزيرة التعاون الدولي فايزة أبو النجا. وأفيد أن الوفد سيعقد غداً اجتماعاً مع رئيس البرلمان سعد الكتاتني ورئيس اللجنة الاقتصادية في البرلمان النائب عن حزب «النور» السلفي طارق الدسوقي ورئيس لجنة الخطة والموازنة النائب «الإخواني» سعد الحسيني.