تسببت السياسة الروسية في تعقيد الأزمة السورية وجعلتها أكثر كارثيةً وعبئاً على المجتمع الدولي الذي بقي عاجزاً عن إيجاد أية تسوية سلمية لها، على رغم هول الكارثة وفظاعة الجرائم، متذرعةً بمفهوم ٍ قديمٍ جديد للعلاقات بين الدول يتلخص في عدم التدخل بالشؤون الداخلية للدول وعدم التفكير بتغيير الأنظمة بالقوة مهما كان شكلها وطغيانها في تعاملها مع أبنائها. ففي الأزمة السورية، وعلى رغم إقرار الروس بحجم مأساة السوريين جراء الحملات الدموية التي يشنها النظام على شعبه منذ أكثر من سنة ونصف السنة، إلا أنهم يصرون على تغيير نمط العلاقات الدولية، انطلاقاً من المثال السوري الذي بات مرتعاً لهم يحاولون من خلاله استعادة أمجاد خروشوف وستالين. لكن هل روسيا مهيأة لهذا التغيير في هذه المرحلة؟ يبدو أن الجواب هنا بالنفي، نظراً لعجزها من الناحية السياسية والعسكرية والاقتصادية وحتى الإنسانية، إذ ينظر إليها شعوب العالم نظرة العدو الخارجي المؤازر للعدو الداخلي المتمثل في الأنظمة الدكتاتورية المتسلطة على رقابها، فالنموذج الروسي المقترح للعلاقات الدولية الجديدة في جوهره مناهض لمصالح الشعوب التواقة للحرية، وداعم لأنظمة القمع والتسلط، والمثال السوري ماثلً للعيان، فقد مد جسوراً جوية وبحرية للنظام السوري منذ اليوم الأول لانطلاقة الثورة الشعبية وأمن له مظلة سياسية في مجلس الأمن يحميه من أي قرار إدانة جدية، ويراوغ ويقايض هذا وذاك من أجل الحد من أي قرار دولي إيجابي، ولا تتوانى في ممارسة الضغط على حلفائها - على قلتهم - من أجل عدم التصويت على قرارات داعمة للشعب السوري في نضاله من أجل التغيير والتحرر من العبودية، وما شهدناه في الأممالمتحدة منذ أيام ليس إلا دليل على ما تفعله روسيا من استغلال لنفوذها على بعض الدول الصغيرة. ما نشهده اليوم هو قمة النفاق الروسي في تعاملها مع الأزمة السورية، وفي جميع سياساتها الخارجية التي لم تجلب لها سوى العار والخسائر في جميع الميادين، فهكذا هي روسيا الأمس واليوم، دعمت صدام حسين في حربه على شعبه لمدة 20 عاماً، وما أشبه اليوم بالأمس، فقد كانت يومها تطلب من المعارضة العراقية الحوار مع جلاديها وكانت تتهمها بالارتهان للخارج الإمبريالي، وهي اليوم تفعله مع المعارضة السورية، ودعمت القذافي وتدعم الدكتاتور الأرعن في كوريا الشمالية، وكذلك «ملالي» طهران بكل ما يحملونه من تخلف وحقدٍ على شعوبهم وشعوب العالم أجمع. من يحرم تغيير الأنظمة بالقوة الخارجية عليه ألا يدعم بقاء الأنظمة الظالمة لشعوبها بالاستناد على القوة الخارجية، لذا لا تستطيع روسيا الدخول في سياسة الأقطاب، ولا فرض نموذجها على العلاقات الدولية وهي تحمل كل هذه الشرور للشعوب التواقة للحرية وتفتك آلتها الحربية بمستقبل هذه الأمم، إنها مؤهلة فقط لقيادة الأنظمة الدكتاتورية المتهالكة، وهي ترفع اليوم شعاراً جديداً «يادكتاتوريات العالم اتحدوا». كاتب كردي سوري [email protected]