نيويورك، واشنطن، باريس، بكين - أ ف ب - أعلن ديبلوماسيون أن سفراء الدول ال15 الأعضاء في مجلس الأمن الذين يحاولون وضع صيغة نهائية لمشروع قرار في شأن سورية حققوا «بعض التقدم» أول من أمس خلال اجتماع استمر حوالى ثلاث ساعات. وعلى رغم تأكيد روسيا موقفها الرافض لأي قرار في شأن سورية تعتبره «خاطئاً ومن شأنه أن يؤدي إلى تفاقم النزاع» أعربت باريس عن أملها بتصويت مجلس الأمن على مشروع قرار الأسبوع المقبل. وقال السفير البريطاني مارك ليال غرانت للصحافيين «حققنا بعض التقدم». وأضاف «هناك رغبة (في مجلس الأمن) في التوصل إلى نص يمكن تبنيه خلال الأيام المقبلة» مضيفاً مع ذلك «لم نصل بعد إلى هذا الحد». وقال السفير الروسي فيتال تشوركين «هناك تفهم أفضل لما يجب القيام به من أجل التوصل إلى تسوية». وأضاف «اعتقد أنها كانت جلسة جيدة من المفاوضات»، من دون إعطاء تفاصيل إضافية. وقال ديبلوماسيون إنه إثر هذه المحادثات سيتم الإعداء لمسودة مشروع قرار على أن تجرى الخميس محادثات جديدة. وقال أحد الديبلوماسيين إن المحادثات تناولت خصوصاً مستوى الدعم الذي يمكن أن يقدمه مجلس الأمن للخطة التي تقدمت بها الجامعة العربية لحل الأزمة السورية، كما تناولت المقطع الذي يشير إلى احتمال تدخل عسكري. ويشير مشروع القرار إلى ضرورة حل الأزمة السورية سلمياً ولكن بعض الدول، وبينها روسيا والصين، ترغب في صيغة ترفض في شكل واضح أي استعمال للقوة. وكان السفير الروسي لدى الأممالمتحدة فيتالي تشوركين قال الأربعاء «إذا كان النص غير مقبول، فسنصوت ضده»، علماً أن تصويت روسيا ضد أي نص في مجلس الأمن يعادل استخدامها حق النقض. وأضاف السفير الروسي «لن نسمح بأي نص نعتبره خاطئاً ومن شأنه أن يؤدي إلى تفاقم النزاع. لن نسمح بتبنيه، نقولها بصراحة لزملائنا». كما أكد فلاديمير تشيجوف مبعوث روسيا إلى الاتحاد الأوروبي إنه لا مجال لقبول مسودة القرار الغربي العربي ما لم تنص صراحة على رفض التدخل العسكري في سورية. ولكن وزير الخارجية الفرنسي ألان جوبيه أعرب أمس عن أمله بأنه «يمكن خلال الأسبوع المقبل التوصل إلى قرار في مجلس الأمن يستطيع تجنب الفيتو» في إشارة إلى مشروع القرار في شأن سورية. وجدد جوبيه بعيد عودته من نيويورك حيث شارك الثلثاء في جلسة مجلس الأمن حول سورية، إشارته إلى «الموقف الأقل سلبية» من جانب روسيا وقوله إنه رأى مندوب الهند «اكثر انفتاحاً على الحوار». وكان جوبيه صرح في وقت سابق أمام النواب الفرنسيين «للمرة الأولى، ومن دون إبداء تفاؤل مفرط، كان موقف روسيا ومجموعة بريكس اقل سلبية» ملمحاً إلى وجود أمل بتبني مشروع قرار يدعم خطة الجامعة العربية للخروج من الأزمة. وأضاف جوبيه بخصوص مشروع القرار «لقد كنا للأسف حتى الآن نتعرقل في مجلس الأمن بسبب التهديد بالفيتو الروسي ومعارضة ما ندعوه مجموعة بريكس (البرازيل والصين وروسيا وجنوب أفريقيا والهند)». وأضاف «نحاول تحريك الأمور. المداولات (بمقر الأممالمتحدة) أعطتنا بعض المبررات للتفكير الإيجابي. الممثل الروسي لم يقل لا». وقال جوبيه إن القوى الغربية تستبعد التدخل العسكري، موضحاً «لا يوجد في هذا القرار ما يمكن أن يستخدم للسماح بتدخل عسكري لأننا ندرك أن مجلس الأمن لن يقبله. والظروف مختلفة للغاية عن ليبيا». ولفت إلى أن «التدخل العسكري سيهدد بإشعال حرب أهلية عواقبها أشبه بالكارثة. بالنسبة لنا ولدول التحالف التي تحركت في ليبيا لا مجال للتدخل. هذا ما نحاول توصيله إلى أصدقائنا الروس». ولفت ديبلوماسي غربي الأربعاء إلى إمكان حصول تغيير في الموقف الروسي. وقال هذا الديبلوماسي الذي فضل عدم الكشف عن هويته «لاحظ البعض من حكوماتنا إشارات مفادها بأن الروس لا يريدون فعلاً أن ينعزلوا. ولكن لسنا متأكدين من أي شيء حيال ما سيجرى لاحقاً». ورداً على سؤال حول إمكان أن تقدم الدول الغربية معدات للمعارضة السورية، قال هذا الديبلوماسي إن الدول الغربية تركز جهودها على مجلس الأمن الوحيد القادر على وقف العنف. وأضاف «لا اعتقد أن سياستنا الحالية ستذهب إلى أبعد من ذلك». إلى ذلك، دعت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون الأربعاء «كل عضو في مجلس الأمن إلى اختيار»الجانب الذي يؤيده في سورية، بين «الشعب السوري» و»الديكتاتورية الوحشية». ورداً على سؤال لصحافية حول موقف روسيا الرافض لأي قرار تعتبره «غير مقبول»، قالت كلينتون إن «كل عضو في المجلس عليه اتخاذ قرار واختيار معسكره». وأضافت كلينتون في مقر وزارة الخارجية الأميركية في واشنطن «هل أنتم مع الشعب السوري، هل أنتم مع الجامعة العربية، هل أنتم مع شعوب الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، هل أنتم مع الديكتاتورية الوحشية؟». وتابعت «على كل بلد أن يفكر ملياً بهذا السؤال واتخاذ قرار». وأشارت كلينتون إلى أنه «بصفتنا أعضاء في مجلس الأمن وتقع على عاتقنا مسؤولية محاولة حفظ السلام والأمن في العالم، من اللازم حتماً أن نكون في الجانب الصحيح للتاريخ، ما يعني أن نكون إلى جانب الجامعة العربية والشعب السوري». وفي بكين أعلنت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل أن الوقت حان كي تتجاوز الأسرة الدولية خلافاتها في شأن سورية وتتوصل أخيراً إلى موقف مشترك في الأممالمتحدة. وقالت ميركل إنه «من المهم أن تتكلم الأسرة الدولية بصوت واحد في الأممالمتحدة» حول سورية في وقت ترفض بكين البحث في فرض عقوبات على نظام الرئيس السوري بشار الأسد.