وضعت دلال الزبن (31 سنة) زوجة الأسير عمار الزبن (37 سنة) أمس طفل أنابيب جرى تخصيبه عبر سائل منوي مهرّب من زوجها الذي يقضي حكماً بالسجن المؤبد في السجون الإسرائيلية. وقال الطبيب المشرف على عملية التخصيب والولادة الدكتور سالم أبو خيزران ل «الحياة» إن المولود الذي سماه والده «مهند» تخليداً لذكرى صديق له يحمل هذا الاسم واستشهد في نابلس عام 1995، في صحة ممتازة وبلغ وزنه نحو أربعة كيلوغرامات. واحتفلت عائلتا دلال وعمار أمس بقدوم المولود الذي جاء إلى الدنيا «عبر معجزة» وفق ما قالت والدته التي روت ل «الحياة» محاولاتها المتكررة للإخصاب والولادة عبر نظام الأنابيب وتحديد نوع الجنين. وقالت إن عملية الإخصاب نجحت في التجربة الثالثة. وقال الطبيب المشرف إنه تلقى السائل المنوي المهرب من السجن بعد 12 ساعة، وإنه وجده ضعيفاً، لكنه قام بتجميده واستخدامه في عمليات الإخصاب الثلاث. وأضاف إن عملية الإخصاب تمت بعد شهادة أربعة أشخاص، اثنان من عائلة الزوج واثنان من عائلة الزوجة، بأن السائل المنوي يعود للأسير عمار. وكانت دلال انجبت ابنتان قبل اعتقال زوجها عمار هما بشائر (16 سنة)، وبيسان (14 سنة). وقالت بشائر ل «الحياة» إن «قدوم مهند هو الفرحة الأولى في حياة العائلة منذ اعتقال والدي». وأضافت: «كل أحلامنا تدور حول مهند، كنت أزور والدي في السجن، وكنا لا نتحدث إلا عنه وعن مستقبله». وأضافت مبتسمة: «قلت لوالدي في زياتي الأخيرة إنه سيكون لمهند ثلاث أمهات، أنا وبيسان وأمي». وتحلم بشائر المتفوقة في المدرسة بأن تدرس الحقوق عندما تدخل الجامعة، وقالت: «أريد أن أدرس الحقوق كي أدافع عن كل من هم في السجون مثل أبي». وأضافت أن السلطات الإسرائيلية منعتها منذ شهور من زيارة والدها بعد أن بلغت السادسة عشرة. وعمت الفرحة المستشفى العربي حيث وضعت دلال مولودها في عملية جراحية. وقدم العشرات من أبناء عائلتي الزوج والزوجة ومن عائلات أصدقاء الأسير عمار للتهنئة. وقالت الزوجة إنها وزوجها ناقشا فكرة الإنجاب عبر تهريب السائل المنوي من السجن فترة طويلة، وأن حاجتهما إلى مولود ذكر جعلهما يقدمان على هذه الخطوة غير المسبوقة في فلسطين، بعد استشارة رجال الدين والعائلة والجيران والأصدقاء. وأضافت: «البنتان في حاجة إلى أخ يسندهما في الحياة، خصوصاً أن والدهما معتقل ومحكوم بالسجن 27 مؤبداً و25 عاماً». وقالت: «كان حلم لي ولعمار وللابنتين وللعائلة، وها هو يتحقق». وتحظر السلطات الإسرائيلية على دلال زيارة زوجها منذ سنوات، وقالت إنها لم تزره منذ اعتقاله عام 1998 سوى أربع مرات. وعاش عامر قبل اعتقاله وأثنائه مآس عدة، منها وفاة والدته أثناء إضرابها عن الطعام لمدة 27 يوماً تضامناً معه ومع رفاقه المعتقلين المضربين عام 2004، وأيضاً استشهاد شقيقه البالغ من العمر 21 سنة أثناء مواجهات مع قوات الاحتلال قرب المدينة عام 1995. وقالت الزوجة إن هذه هي الفرحة الأولى التي تعيشها العائلة منذ اعتقال عامر قبل أكثر من 14 عاماً. ويفتح ميلاد مهند الطريق أمام أسرى آخرين محكومين بالسجن المؤبد للجوء إلى هذه الوسيلة للإنجاب، خصوصاً أنهم وزوجاتهم يتقدمون في السن وتتضاءل فرصهم في الإنجاب، في حال إطلاقهم، علماً أن السلطات الإسرائيلية تعتقل أكثر من خمسة آلاف فلسطيني، بينهم نحو ألف محكوم بالسجن المؤبد. وقال المدير العام لوزارة شؤون الأسرى في نابلس سامر سمارو لوكالة «معا»: «نبارك لهذه العائلة هذا الطفل»، مؤكداً أن هذا حق إنساني لكافة الأسرى والمعتقلين في سجون الاحتلال الإسرائيلي. وأضاف أن «الوزارة ستعمل في المستقبل على أن يكون هذا حقاً طبيعياً، وتكون عملية التلقيح عملية منتظمة وللأسرى كافة».