تعتبر منطقة أم الرصاص من أهم المواقع التاريخية الأثرية في الأردن التي يرتادها الحجاج المسيحيون من مختلف مناطق العالم، حيث تقع على بعد 80 كيلومتراً جنوبي العاصمة عمان على الطريق الصحراوي الذي يربط شمال المملكة بجنوبها وتبعد عن مدينة مأدبا 30 كيلومتراً. وفي إطار جهود وزارة السياحة والآثار الأردنية لتسويق الأردن كمقصد سياحي عالمي، ووضعه على الخريطة السياحية، افتتح وزير السياحة والآثار نايف الفايز مؤخراً مبنى مركز الزوار في موقع أم الرصاص الأثري الذي أنشئ بكلفة تبلغ 3 ملايين يورو وبدعم من الاتحاد الأوروبي. وقال الفايز إن اختيار موقع أم الرصاص الأثري كأحد المواقع المعتمدة على قائمة حماية التراث الإنساني دلالة على أهمية الموقع ومكانته التاريخية والدينية، مشيراً إلى عضوية الأردن في الاتفاقية الدولية لحماية التراث العالمي الثقافي والطبيعي، برعاية منظمة اليونسكو التي تضم 178 دولة. ووصف الفايز المنطقة بأنها تشكل تحفة من العبقرية الخلاقة للإنسان لتجسيدها معنى التآخي بين الديانتين الإسلامية والمسيحية وعظمة آثارهما. وأضاف أن الأردن يعتبر شريكاً فاعلاً مع دول الاتحاد الأوروبي ومنظمة اليونسكو في حماية المواقع الأثرية والتراثية العالمية. ولفت إلى أن خطة وزارة السياحة المنبثقة من إستراتيجيتها المعلنة تقوم على تنشيط الحركة السياحية إلى موقع أم الرصاص، لإبراز الموقع على الخريطة السياحية الأردنية ضمن برنامج محافظة مأدبا، إلى جانب تطوير الموقع سياحياً لرفد الاقتصاد الوطني والإسهام في تنمية ودعم المجتمعات المحلية المجاورة من خلال توفير فرص عمل جديدة وخلق مناخ استثماري يتوافق مع أهمية الموقع الثقافية والبيئية والتاريخية وتحديد الاستعمال الأمثل للأراضي ضمن المنطقة. وأشار إلى أن العمل على تنشيط الحركة السياحية يتم عن طريق حملات ترويجية وتسويقية متخصصة للتعريف بالموقع وتعريف العالم بأهميته باعتباره أحد أهم المواقع التي يرتادها الحجاج المسيحيون من شتى بقاع الأرض خلال المسار السياحي الديني الذي يربط محافظة مأدبا بأم الرصاص حيث يبدأ من المغطس، ثم جبل نيبو، وكنائس مأدبا، ومكاور، وأم الرصاص. وهذا المسار يحتوي على ثلاثة مواقع حج مسيحية من أصل خمسة مواقع تم اعتمادها من قبل البابا يوحنا بولس الثاني في العام 2000، وتم التأكيد على هذه المواقع من قبل البابا بنديكتس السادس عشر خلال زيارته للأردن العام 2009. وقالت مديرة اليونسكو أرينا بوكفا إن أم الرصاص من المعالم الأثرية التاريخية المهمة ولها مكانتها في التراث العالمي يجب المحافظة عليها وتعريف العالم بأهميتها، ودعت لتوفير الخدمات الضرورية لتسويق الموقع واستثماره. أما سفيرة الاتحاد الأوروبي في عمان يوانا فراونتيسكا فأشارت من جهتها إلى أن الأردن بالنسبة إلى الاتحاد الأوروبي أصبح شريكاً متميزاً. وأوضحت «أن المشروع يثبت أن الأردن يمتلك إضافة لموقعه الإستراتيجي تاريخاً وحضارة وتسامحاً، وهو الشريك الذي استحق منا تقديم الدعم لإنشاء وتأهيل هذا المركز الذي نأمل بأن يكون علامة بارزة في دعم السياحة المحلية والعالمية لتسويق موقع أم الرصاص التاريخي». ويحتوي مركز الزوار الذي أقيم على مساحة 800 متر مربع على كل الخدمات والتسهيلات بما في ذلك مطعم مزود بكل المرافق إلى جانب مساحات وممرات تشتمل مواقف للحافلات والسيارات السياحية. كما يحتوي على قاعات للاستقبال ومكاتب إدارية ومركزاً للبريد ومكاتب للشرطة السياحية وقاعات لعرض المنتوجات المحلية ومرافق صحية وأخرى للتسهيلات على الزوار، وكذلك مكتب الشرطة السياحية. وسيساهم المركز في إيجاد فرص استثمارية متخصصة في القطاع السياحي يقوم المجتمع المحلي بإدارتها وتشغيلها مثل خدمات الطعام والشراب وتصنيع وإنتاج الحرف اليدوية الخاصة بالمنطقة، وبالتالي إيجاد فرص عمل تساعد على الحد من نسبة البطالة في المنطقة وترفع مستوى المعيشة لسكان المنطقة. من الجدير ذكره أن بلدة أم الرصاص كانت تعرف سابقاً باسم «ميفعة»، وتحتوي على آثار نبطية ورومانية وبيزنطية وإسلامية من أواخر القرن الثالث إلى القرن التاسع الميلادي. ويضم الموقع أربع عشرة كنيسة يعود معظمها إلى القرنين الخامس والسادس الميلادي، وأهمها كنيسة القديس إسطفانيوس التي شيدت خلال الحكم العباسي في القرن الثامن الميلادي. ويوجد أيضاً في المنطقة برج الناسك سمعان العمودي الذي يبلغ ارتفاعه ما يقارب خمسة عشر متراً والذي استخدمه الرهبان قديماً طلباً للعزلة إلى جانب الكنيسة التوأم وكنيسة الأنهار، وشجرة النخيل، إضافة إلى الأبراج المطلة للحماية وغيرها. وتعد كنيسة القديس اسطفانيوس من أهم الكنائس على الخريطة العربية لوجود الفسيفساء على أرضيتها بشكل كامل، والتي تمثل صورة ل27 مدينة في الأراضي المقدسة 8 منها في الضفة الغربية و9 في الضفة الشرقية و10 في شمال الدلتا. وما يميز هذه الأرضية تصويرها برج ماستروم ميفع وهو الاسم القديم لأم الرصاص. ويشار إلى أن الكتابات الموجودة على الفسيفساء تؤكد أيضاً أن هذه الكنائس بنيت بعد الفتح الإسلامي مما يؤكد سماحة الإسلام مع الديانات الأخرى.